يدفع النظام المصري الجديد الآن ثمن تشويه الأنظمة الأمنية، ووزارة الداخلية، وأمن الدولة، والأمن المركزي باعتبارها قوى مُعادية للثورة، وتتحمل كل ما انتهت إليه معارك الشوارع وحوالي ألف قتيل!!.
.. ففي عملية اختطاف سبعة من الجنود وأفراد الشرطة في سيناء، وقبلها تم قتل أربعة عشر جندياً، يقف رئيس الجمهورية، وهو وحده عنوان شرعية النظام، موقفاً صعباً، لأن الاخوان المسلمين هم بالذات الذين شوّهوا صورة الأمن المصري في ذهن الرأي العام.
وإذا كان النظام الجديد مسكوناً الآن بهاجس أمن المواطن المصري وأمن الدولة، فإن من غير المنطقي أن يطلب من رجال الأمن ذاتهم أن يقوموا بدور حامي الحمى.
المخطوفون السبعة، يصرخون طالبين من رئيس الجمهورية انقاذهم. والجيش، وهو الرصيد الوحيد لكيان الدولة، أعلن أنه لن يتحرك إلا بأمر من القائد الأعلى الذي هو رئيس الجمهورية. والرئيس يعرف أن الذين جعلوا من سيناء مرتعاً لنشاطاتهم.. بتهريب السلاح الليبي، والمتاجرة به، وعقد تحالفات مع الذين يسيطرون على أنفاق غزة.. هم من الإسلاميين المتحالفين مع الإخوان المسلمين، أو من التنظيم الخاص في الاخوان!!.
والحقيقة أن الاخوان في تدميرهم لسمعة الأمن المصري، وبعثرة قادته بين السجون والإحالة على المعاش لم يكونوا أغبياء. فإن لهم خططهم بالبدء بتشكيل مجموعات من حماة الأحياء.. ثم بالوصول إلى الحرس الثوري الذي ينوب مناب الأمن.. تماماً كحرس الثورة الإيراني. فهناك توازٍ بين مرشد الثورة الإيراني، ومرشد الاخوان المصريين، وبين حرس الثورة هناك وحرس الثورة في مصر.
الاخوان يعرفون أنهم بصندوق الانتخاب أوصلوا عضواً منهم لرئاسة الجمهورية.
وأنهم فشلوا في الحفاظ على الأكثرية الساحقة في مجلس الشعب، بعد أن وقف القضاء في وجوههم وأعلن عدم شرعية القانون الذي جرت على أساسه الانتخابات. وأن مجلس الشورى، والرئيس عين تسعين من أعضائه، ليس جسماً شرعياً يمكن إضفاء تمثيل المصريين عليه دون مجلس الشعب.
ولذلك فهم الآن يبحثون عن وسائل تمكن لهم الحكم دون الصندوق الانتخابي. كإنشاء حرس ثوري يدافع عن «الثورة» في وجه معارضة قوية ذات جذور حقيقية في الشارع المصري، وكإعطاء مجلس الشورى – منتخب ثلثه – صفة السلطة التشريعية.
ومصر أولاً وأخيراً ليست إيران، ولا تشبه أي شيء إيراني، لأن الطائفة الدينية ليست العمود الفقري لتزييف الدولة، ولأنّ مصر من الزمن الأول دولة علمانية اسقطت دون عناء دولة الفاطميين الشيعة بعد حكم استمر مائتي عام، دون أن تترك وراءها طائفة أخرى في مصر!!.
(الرأي)