زيادة الرواتب المقررة ، زيادة غير كافية ، لمواجهة ارتفاع الاسعار المقبل ، فهي زيادة ، بالكاد تغطي الفرق بين اسعار اسطوانات الغاز التي تستخدم في التدفئة خلال الشتاء ، او الفرق في اسعار الكاز ، وبعد الشتاء ، سيكتشف الناس ، انها لن تغطي ، فروق المواصلات.مشكلة الغلاء ، في الاردن ، ليست وحيدة ، فكل الدول العربية اشتعلت بها نيران الاسعار ، فالامارات مثلا ، وصل بها سعر جرة الغاز الى ثلاثين دينارا ، والايجارات ارتفعت ، غير ان الحكومة الاتحادية رفعت الرواتب مرتين ، كل مرة بنسبة ثلاثين بالمائة ، وهذا في انموذج ميسور ماليا ، ولديه صناعة نفطية ، وتجارة عالمية ، وفي دول اخرى ، مثل سوريا ، تم رفع الاسعار ، لكن بقيت الحماية ، على كثير من المنتجات ، وبقي الانتاج المحلي ، قادرا على الاستمرار ، وتأمين المستهلك ، بعيدا عن لعنة الاستيراد من الخارج.
عندنا ، يتشاطر سائق "البكب" في رفع اجرة نقل صناديق الخضروات من الغور ، مثلما يتشاطر"الحوت" الكبير في رفع البضائع المخزنة اساسا ، في مستودعاته ، بالسعر القديم ، ليبيعها بالسعر الجديد ، واذا كانت هناك اختلالات في الموازنة ، لا يمكن حلها ، الا بتسونامي الاسعار الجديد ، فان السؤال الذي نسأله للمرة الالف ، لماذا لا يتم تحديد نسبة ربح التجار ، ولماذا لا توجد جهات رقابية فاعلة تتدخل في السوق ، ولماذا يتم ترك القطاع الخاص ، يستبد بالناس الى هذه الدرجة ، ولماذا لا توجد جهة واحدة صاحبة صلاحيات ، وقرار ، بشأن التسعير ، ولماذا نترك كل شخص ، يتصرف على راحته ، فيرفع الاسعار كيفما شاء ، وبما يجعل السوق كله ، يختل تحت وطأة الجشع والطمع ، وتقدير الزيادة ، كيفما هو اراد ، لا..كيفما تتطلب الاوضاع الجديدة.
شكرا للزيادة الحكومية ، والاهم من الزيادة هو كبح السوق ، وجنون السوق ، فأحد المزارعين ممن يتاجرون بزيت الزيتون ، قال لي ان العام المقبل ستصل فيه تنكة الزيت الى سبعين دينارا ، وربما ثمانين دينارا ، وحين سألته..الا يعتبر الرقم مبالغا فيه ، قال.. ان الدورة الاقتصادية العامة تجنح نحو ارتفاع شديد ، والمزارع لا يستطيع ان يعرف ان يجد حلا لمواجهة التزاماته ، الا بزيادة الاسعار ، الى اعلى نسبة ممكنة ، وهذا ما سنراه خلال العام المقبل.
مع الزيادة المتوقعة على الاسعار ، وعلى الرواتب ، الاهم ضبط السوق ، ووضع حد للارتفاعات غير المبررة ، وايجاد الية ، للتسعير ، ولو بتحديد سقف اعلى للربح ، وبغير ذلك ، سنجد انفسنا ، امام عام صعب جدا ، وامام كل الاحتمالات ، التي بحاجة لمن يتأملها ، ولمن يعالجها ، قبيل وقوعها.
m.tair@addustour.com.jo