لا يحق لـ«الإخوان المسلمين»، بعد أن أصبحوا يحكمون في مصر، أكبر الدول العربية وأكثرها تأثيراً، وأيضاً بعد أن أصبحوا يحكمون في تونس وأصبحت لهم نصف دولة في غزة، لا تشبهها دولة لا في الحاضر ولا في الماضي، أن يبقوا يستجدون عطف الناس وتعاطفهم وأن يواصلوا تقمُّص وضعية المضطهدين والمستضعفين على غرار ما كان وضع أبناء الطائفة الشيعية الكريمة في لبنان وفي العراق قبل أن تصبح لهم دولة ذات مخالب طويلة وأنياب حادة هي جمهورية إيران الإسلامية وقبل أن يصبح لهم وليٌّ فقيه يضع تحت عمامته السوداء مصير أمة بأكملها هي الأمة الإيرانية بكل شعوبها وطوائفها العرقية والمذهبية.
كان من المقبول قبل أن يصل هؤلاء إلى كراسي الحكم، التي بقوا يتضورون جوعاً لها زهاء خمسة وثمانين عاماً، أن «يزايدوا» على كلِّ من حكم في مصر وفي غيرها إذْ لا أسهل من «الجهاد» بالكلام والخطب النارية وإتهام الآخرين بالتقصير وأيضاً بـ»التآمر» وعدم القيام بالواجب بالنسبة للقضية الفسطينية التي كانت ولا تزال قضية العرب والمسلمين الأولى بلا أي جدال أو نقاش أو إعتراض.
أما الآن وقد أصبح هناك محمد مرسي وراشد الغنوشي وإسماعيل هنية فإنه من حقنا أن نجلس لـ»الإخوان» على «ركبة ونُصٍ» وأن نقف لهم بالمرصاد وأن نحاسبهم على كل صغيرة وكبيرة طالما أنهم على أساس ما يسمى «الحاكمية البشرية» يعتبرون تنظيمهم ظلَّ الله على الأرض وأنهم وحدهم المكلفون بإقامة مجتمعات الحق والإسلام على أنقاض ما يعتبرونه مجتمعات جاهلية!!.
الآن من حقنا أن ننفض عن أنفسنا غبار الخوف من سطوة ألْسِنَةِ هؤلاء وأن نسألهم عن سرِّ العلاقة بينهم وبين إيران، التي تفعل كل هذا الذي تفعله في العراق والتي تقاتل معركة بشار الأسد على أساس مذهبي وبالأموال والأسلحة والرجال والنساء أيضاً وبحزب الله والتي تتدخل كل هذا التدخل السافر حتى في الشؤون الداخلية المصرية..والتي تجيز لنفسها أن تخالف الإمام السادس جعفر «الصادق» رضي الله عنه وتلجأ لزرع بذور الفتنة بين المسلمين من خلال الدعوة للتشيُّع في أوساط السنة على المذاهب الأربعة الشريفة المعروفة.
الآن من حقنا أن نسأل «الإخوان» إنْ في مصر وإن في الأردن وإن في كل الدول العربية والإسلامية عن سرِّ كل هذا الصمت المريب على التصريحات التي أطلقها محمد كامل عمرو وزير خارجية محمد مرسي والمرشد العام محمد بديع التي قال فيها عن الرئيس السوري بأن يديه غير ملطختين بالدماء!! وكل هذا والإخوان المسلمون السوريون يقولون أنهم رأس حربة الثورة السورية وأنهم يقاتلون بشار الأسد إداءً لفريضة الجهاد في سبيل الله.
لماذا يصمت هؤلاء صمت أهل القبور على موقف إخوان مصر وموقف نظامهم بقيادة محمد مرسي والمرشد العام محمد بديع وأيضاً على موقف إسماعيل هنية وحليفه محمد الزهار في جمهورية غزة، التي لا يشبهها إلاَّ نظام طالبان السابق في أفغانستان، تجاه العلاقات المثيرة للكثير من الشبهات والكثير من التساؤلات مع دولة الولي الفقيه في إيران وأيضاً مع روسيا.. وهنا هل يا ترى أنَّ «الجماعة» بفرعها الرئيسي وكل فروعها قد باعت «الإخوان» في سوريا كما كانت باعتهم في عهد حافظ الأسد وفي عهد ولده بشار قبل إندلاع هذه الثورة الباسلة في عام 2011؟!.
ما هو السرُّ في أن يسكت الإخوان المصريون والإخوان الأردنيون وأيضاً الإخوان السوريون.. والإخوان في كل مكان على تصريحات وزير خارجية النظام الإخواني في مصر التي أنكر فيها أن يدي بشار الأسد ملطختان بدماء أبناء الشعب السوري مما يعني أنَّ هناك تلاؤماً مع الموقف الروسي القائل ببقاء هذا الرئيس السوري حتى بعد المرحلة الإنتقالية التي يجري الحديث عنها والتي هي النقطة الرئيسية على جدول أعمال المؤتمر الدولي الذي هناك سعيٌ جديٌّ لعقده في جنيف في الشهر المقبل لكنه بالتأكيد لن ينعقد؟!.
(الرأي)