خطب الجمعة من مسجد الملك عبدالله
18-05-2013 05:14 PM
عمون - تناول الأستاذ الدكتور عبدالرحمن ابراهيم زيد الكيلاني في خطبة الجمعة المذاعة من مسجد الشهيد الملك المؤسس عبدالله بن الحسين موضوع حرمة المال العام ووجوب الحفاظ عليه ، وبيَّن فيها أن من أسباب الكسب الخبيث الاعتداء على أموال الأمة ، أو استغلال الوظيفة العامة لتحقيق منافع شخصية ، أو التضييق على المراجعين في مؤسسات الدولة لاضطرارهم إلى دفع الرشاوى ، كما عدّ التهرب من العمل أثناء ساعات الدوام الرسمي ودون استئذان من المسؤول من قبيل الكسب الخبيث ، وذكّر الدكتور الكيلاني المصلين وجمهور المستمعين بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((لن يربوَ لحمٌ نبت من سُحتٍ إلا كانتِ النّار أولى به)) ثم وجه التحية لكل موظف أمين يتقي الله في وظيفته ويحافظ على مصالح المؤسسة ويرفق بالناس في عمله ويحافظ على المال العام ، وقال : إن الموظف الصالح مشمول بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به "
وتاتي هذه الخطبة ضمن سلسلة خطب الجمعة التي يخطبها الأستاذ الدكتور عبدالرحمن الكيلاني في مسجد الشهيد الملك عبدالله بن الحسين ، ويعالج فيها قضايا أخلاقية تتعلق بالواقع الاجتماعي الذي نعيشه في الأردن ، حيث تناول في خطبة سابقة : موضوع الانتماء في الإسلام وقال فيها : إن الانتماء للأردن وحبه والدفاع عنه هو باب من أبواب العبادة والجهاد في سبيل الله . واعتبر أن المجتمع اليوم يعاني من أزمة حقيقية هي في حقيقتها أزمة انتماء ، حيث صار الانتماء للذات والأنا وللمصالح الفردية المحدودة مقدما على الانتماء للجماعة والأمة ولمصالح الوطن العليا .
وصار الانتماء للروابط الفرعية الضيقة كرابطة العشيرة والنسب مقدما على الانتماء لقيم الإسلام وأخلاقه الكريمة .
وصار الانتماء للمنصب والمكسب وللعطايا والغنائم مقدما على الانتماء للحق والعدل .
وبتنا نشهد في المجتمع الفردية والأنانية العصبية والجاهلية حتى صارت وللأسف ثقافة سائدة وسلوكا عاما طاغيا في المجتمع ، ودعا المؤسسات التربوية : إلى غرس قيم الانتماء في طلابنا ليكون حبهم للأردن وحفاظهم على مؤسساته التعليمية أكبر من انتماءاتهم الفرعية الضيقة ، وألا يكون التعصب للجهة أو العائلة أو العشيرة مقدما على الانتماء للوطن ومؤسساته ، أو أكبر من الحفاظ على أمنه واستقراره .
كما دعا إلى إحياء روح الانتماء في مؤسساتنا الرسمية ليكون كل موظف مدافعا عن المال العام وحاميا له ، وسدا منيعا في وجه الفساد والفاسدين ، وحتى تكون الوظيفة العامة وسيلة لتحقيق النفع العام للمجتمع ، لا وسيلة لابتزاز الناس والتضييق عليهم من أجل اضطرارهم إلى دفع الرشا المحرمة ، وإلى أكل أموال الناس بالباطل .
وقال: إننا بحاجة إلى إحياء قيم الانتماء في ثقافة المجتمع كله حتى يشعر كل فرد بأنه لبنة صالحة في بنيان المجتمع كله ، فلا يعيش لذاته وأنانيته وفرديته ، وإنما يعيش وهو يحمل هم المجتمع كله ، يسعد بسعادته ويتألم لألمه ويعيش معه أفراحه مثلما يعيش معه أحزانه ومصائبه ، لقد عبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا المعنى في الحديث المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا .
وفي خطبة أخرى خصصها الدكتور الكيلاني لموضوع الإحسان إلى الخلق وأبعاده الإجتماعية ، التي بين فيها :أن الإحسان إلى الخلق هو من أعظم واجبات الدين ومن قواعد الشريعة وأصولها ، وأننا مطالبون اليوم بأن نتحول بمعاني الإحسان من مرحلة العواطف الوجدانية إلى مرحلة المشاريع العملية الجماعية وإن من الأولويات التي ينبغي الدعوة إليها والحرص عليها في سبيل ذلك : العمل على إحياء سنة الوقف الخيري في مجتمعاتنا وإلى التشجيع عليه ليكون مجسدا لمبدأ الإحسان إلى الخلق الذي أمر الله به ، وقال :"نريد أن نرى في مجتمعنا مشاريع وقفية تعنى بطلبة العلم الفقراء الذي تمنعهم ظروفهم المادية دون القدرة على إكمال تعليمهم ودراستهم ، نريد أن نرى العيادات والمراكز الصحية الوقفية التي لا تعيش على أوجاع الناس وأمراضهم وإنما تقدم خدماتها تقربا لله تعالى ،المشاريع الوقفية للمقبلين على الزواج وهم لا يقدرون على كثير من تكاليف الحياة واعبائها ،
نريد أن نرى معاني الإحسان جلية واضحة من خلال العمل الجماعي المنظم الذي تتعاون فيه مؤسسات المجتمع الرسمية والمدنية حتى تحقق الأمن والاستقرار لمجتمعاتنا وأوطاننا ، وتعزز من قوة نسيجه الاجتماعي ووحدته الوطنية ، وختمها بقوله تعالى :"لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ " البقرة /(177)
وتأتي هذه الخطب المختارة ضمن منهج وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية لإحياء دور خطبة الجمعة في التصدي للقضايا الاجتماعية ، وإصلاح المجتمع بأسلوب عصري مؤثر ، وبمنهج وسطي متوازن ، قائم على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة .