الأردن الذي نريد ..
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
18-05-2013 01:27 PM
لقد مضى ما يزيد عن السنتين على الربيع العربي قدم فيها الاردن نموذجا راقيا و مختلفا. اظهر الاردنيون من شتى اصولهم و منابتهم مسؤوليه عاليه و انتماء اصيل للوطن و لم يسمحوا بالانزلاق للفوضى. الغالبيه العظمى سواء من الشعب او الحراكات او الاجهزه الامنيه اظهرت وعي عالي و انتماء للوطن حافظ عليه في محيط متلاطم. و رغم بعض السياسات الحكوميه الغير ضروريه و الغير شعبيه و رغم بطء مسيرة الاصلاح و عدم جديتها في معظم الاحيان, رغم كل ذلك لم ينزلق الشعب و لا الاجهزه الامنيه وراء اصحاب الاجندات و لا الحماس البرئ منه و غير البرئ. هنا يبرز السؤال ماذا نريد لاردن الغد ليبقى عزيزا منيعا و سندا قويا لاخوانه في فلسطين و سوريا و لعمقه الخليجي. اطرح هنا اجتهادي و الله من وراء القصد.
اولا: لابد من المحافظه التامه على المؤسسات الوطنيه و عدم التطاول عليها بل العمل على اصلاحها من الداخل من ابنائها. فساد بعض الافراد او حتى بعض القيادات في هذه المؤسسات لا يعني جلدها او الاساءه اليها او محاولة تفكيكها و اضعافها تحت شعارات براقه فهذه المؤسسات قدمت تضحيات كثيره لتحافظ على البلد و امنه و تقويتها واجب وطني.
ثانيا: الجيش الاردني هو خط احمر و تقويته و تطويره و دعمه واجب وطني فهو الضامن لامن الاردن من الاخطار الخارجيه. لقد اثبتت المؤسسه العسكريه انه فوق كل الخلافات و الاختلافات و هي غير مسيسه و تعي واجبها في حماية الوطن و حدوده دون التدخل في السياسه.
ثالثا: تطبيق القانون بعداله و دون مواربه و رفع الغطاء عن كل من يتجاوز على حقوق الناس و الوطن فالسارق و المخرب و قاطع الطريق يفعلون ذلك لمصالحهم و ليس لمصالح عشائرهم او مناطقهم و لا يجوز ان تتوفر لهم اي حمايه من القانون. كما ان الفساد لا يبرر الفساد و بالتالي لا يجوز التطاول على الناس و المؤسسات تحت شعار(لما تحاسب فلان حاسبني).
رابعا: المحافظه على استقلال القضاء و عدم الاساءه اليه. و هنا اذكر ان القاضي عليه ان يحكم بالادله و البينات و ليس بالانطباعات و الشائعات و اذكر ان معظم عمليات الفساد و الفاسدين حموا انفسهم بتشريعات و قوانين. بالتالي فان محاكمة الفساد و الفاسدين يجب ان تكون سياسيه بالدرجه الاولى و جنائيه بالدرجه الثانيه. و كل من تولى وظيفه عامه عليه ان يبرر تنامي ثروته و ليس البحث عن الادله و التي ستكون مهمه مستحيله في ظل غياب الشفافيه.
خامسا: الاردن محدود الموارد و في حالة الاستخدام الامثل لموارده و مع غياب الفساد فانه بالكاد سيكون قادر على ترتيب اوضاعه. بالتالي فالاردن لا يحتمل امكانية التجريب و البرامج النظريه و لا امكانية الفساد و التعايش معه سواءا فساد مالي او اداري. بالتالي لا بد من اعادة كل الثروات التي خسرناها في برنامج التحول الاقتصادي و ادارتها بشكل سليم بعيد عن الواسطه و المحسوبيه و المناطقيه و العشائريه. كما لا بد لرجال السياسه (سواءا من شارك او صمت او سعى لتمرير قرارات مضره بالبلد) و الذين كانوا مسؤولين عن المرحله من 2002-2007 باعتبارها الاسوأ, لا بد لهم من الابتعاد و فتح المجال لغيرهم سواء طوعا اوقسرا من خلال العزل السياسي.
سادسا: القياده الهاشميه تمثل قاسم مشترك بين مختلف الاردنيين و المحافظه على هذه القياده مصلحه وطنيه. لكن ايظا على القياده اعادة النظر في عدد ليس قليل من رجال البطانه الذين قدموا مصالحهم الخاصه او سياسة استرضاء الاجنبي على حساب الوطن و اهله من شتى اصولهم و منابتهم و اولائك الذين اثروا على حساب الشعب و اولائك الذين لا يرون في فلسطين الا ارض و سكان و ليس قضيه مركزيه مصيريه و حق يابى النسيان. المطلوب تقديم اهل الخبره و ليس اهل الثقه.
سابعا: المواطنه و العلاقه الاردنيه الفلسطينيه لا بد من حسمها و تنظيمها بما يخدم المصلحه و الهويه الاردنيه و الفلسطينيه و بما يوحد و يدعم الاخوه القائمه و ليس الاخلال بها. بالتالي لا بد من دعم وجود دوله فلسطينيه لتحويل الحق من انساني الى سياسي. كما لا بد من قوننة و دسترة فك الارتباط اولا كجزء من الصراع مع العدو و ثانيا لحسم من هو الاردني بغض النظر عن الاصول و المنابت و ثالثا للانتقال الى المرحله التاليه من ترتيب البيت الداخلي دون الخوف من الوطن البديل او ضياع الهويه تحت المطالبات المشبوهه قبل فك الارتباط.
ثامنا: منهاج التربيه الوطنيه لا بد من اعادة النظر به و تضمينه التاريخ لرجالات الاردن سواءا من المعارضه او الموالاه و ممن اسسوا و بنوا المؤسسات و ممن عارضوا و حاربوا و قاوموا المحتل. كما لا بد من ايجاد نشيد و سلام وطني يعتز به الاردنيين جميعا و يذكر في كل سطوره الاردن فلكل دوله سلام وطني و سلام ملكي و لا يتعارض اي منهما مع الاخر.
في النهايه اقول بان الاردن سيبقى بعدنا لاجيال قد تذكرنا بالخير اذا احسنا بنائه و ادارته و عززنا فيه قيم المساواه و العداله و قيم العروبه و الاخوه و لكن هذه الاجيال ستسبنا اذا سمحنا للتعصب و المصالح الشخصيه و الفساد بالانتشار. و بالتاكيد سوف يلعن (بضم الياء) كل من يسمح للوطن البديل و ضياع فلسطين و القدس تحت ذرائع الامر الواقع و قوة العدو و المصالح الشخصيه.
حمى الله الاردن عزيزا منيعا و حمى اهله من كل مكروه.