اصطلاح (أصدقاء سوريا) يذكرنا بأسلوب تسمية الأشياء بعكسها ، فالعين العوراء تسمى كريمة ، واليد المكسورة تسمى مجبورة ، والقهوة الباردة تسمى دافئة ، والطاعم الكاسي هو المطعوم المكسي وهكذا.
ليس لسوريا أصدقاء ، أما الذين يؤيدون سوريا مثل روسيا والصين وإيران والعراق فليسوا مدعوين لاجتماع أصدقاء سوريا المقرر في عمان. الأصدقاء المدعوون هم قطر ومصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا (العظمى) وفرنسا وتركيا وألمانيا وإيطاليا. وهناك صديق آخر لا يشرف أحداً هو إسرائيل ، لم يدع للاجتماع رسمياً ولكنه سيكون حاضراً عملياً ودوره محفوظ وأساسي.
النظام السوري له أصدقاء وأعداء معروفون بصرف النظر عما يطلقونه على أنفسهم من أوصاف ، أما الشعب السوري فلم يعد طرفاً في الصراع بل مجرد ضحية تبحث عن الأمن الشخصي وضرورات البقاء. وأما الدولة السورية فهي معرضة للدمار بفعل الأصدقاء والأعداء على السواء. ما يحدث في سوريا اليوم هو حصتها من صنع الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة.
حدث مؤخراً تطور هام هو الاتفاق بين أميركا وروسيا على الدعوة إلى مؤتمر جنيف 2 مما أثار قدراً من التفاؤل بإمكانيات الحل السياسي ، وقد فهم البعض إن ما حدث كان اتفاقاً ، ولكنه في الواقع ليس كذلك ، لأن كل طرف يفهمه بشكل مختلف:
الروس يريدونه حواراً بين النظام ممثلاً بالرئيس الأسد والمعارضة ممثلة بائتلاف اسطنبول. والأميريكان يريدونه حواراً بين المعارضين والمحايدين أو بين المعارضة والمعارضة. والواقع أن النظام والمعارضة قد يكونان أقرب إلى الاتفاق من المعارضة والمعارضة لأن الصراع فيما بينها مؤجل ولكنه سيكون أشد من صراعها مع النظام.
الرئيس الأسد هو الطرف السوري الرسمي في الحـوار كما تراه روسيا ، أما أميركا فلا ترى له أي دور ، فكيف يمكن أن يسمى هذا اتفاقاً. وما هي فرص انعقاد مؤتمر لحل المعضلة السورية سلمياً في ظل هذا الخلاف على الأساسيات وهي تشكيل الوفد السوري المقبول.
المدهش في هذا المشهد الغريب أن نجد أميركا والقاعدة وجبهة النصرة في معسكر واحد ، وأن تعمل أميركا كمورّد سلاح تعرف سلفاً أنه سيصل إلى أيدي الجميع وأنه سيتوجه غدأً لصدور بعض أصدقاء أميركا.
الراي