هل بدأ رئيس الوزراء د. عبدالله النسور، يضع تصوره للتعديل؟ هل نتوقع إضافة عدد محدود من الوزراء لملء الوزارات الرئيسة المحجوزة في عهدة وزراء آخرين، أم ستكون الإضافة واسعة (ما لا يقل عن عشرة وزراء)، وأيضا تبديلا للحقائب، وربما خروج بعض الوزراء من التشكيل؟ وهل ستكون محدودية التعديل مرتبطة بفكرة وجود تعديل آخر مقبل، لتوزير النواب قبل نهاية العام؟ وهل إذا جاء التعديل موسعا سيعني أن الحكومة أخذت شكلها النهائي، وأن فكرة توزير النواب قد طويت في المرحلة الحالية؟لم نسأل دولة الرئيس، ولا نعرف ما إذا كان قد أنضج رؤية معينة! ومع الإجابة عن كل الأسئلة السابقة، لا نعرف كيف يفكر الرئيس بشأن المشاورات النيابية.
فهل يريد مشاورة النواب في التعديل؟ وهل ستكون مشاورة "سياسية" للتوضيح والإجابة عن الأسئلة آنفة الذكر، أم ستكون مشاورة حقيقية حول الأسماء، تستدرك في هذه الجولة المآخذ الخطيرة على الرئيس في الجولة الأولى؛ حين دخل في مشاورات ماراثونية مع النواب في الكلام العام عن الحكومة، ثم تجاهلهم كليا عندما وصل إلى تقرير فريقه الوزاري؟يجب أن أقول إن وجهة نظر وازنة ترى أن يعفي الرئيس نفسه من التورط في مثل هذا المسار غير المضمون، والمهدد بالفشل، في ظل الواقع الحالي للكتل.
وثمة وجاهة في وجهة النظر هذه؛ فمن يفاوض الرئيس، وقد انقسمت الكتل بين الحجب والثقة، فوق ما كانت تعانيه أصلا من ضعف البنية والعجز عن إدارة القرار؟ومع ذلك، فلست مقتنعا بتجاهل النواب؛ إذ إن هذا سيفاقم عزلة الحكومة. وإذا صدف ولم يكن الرئيس موفقا في عدد من الأسماء والحقائب، فسينقلب الموقف بالنسبة لكثيرين كانوا قد أعطوا الثقة للحكومة، ولم يكونوا مقتنعين لحد معين بتركيبتها، لكنهم أخذوا بالاعتبار التزام الرئيس بإعادة بناء الحكومة بعد الثقة مباشرة، ويجب إشراك هؤلاء وغيرهم في الرأي بشأن التشكيل الجديد. أي أن الإشكالية الفنية المعترف بها بشأن صعوبة إخضاع التشكيل والأسماء لمشاورات نيابية حقيقية، يجب أن لا تقود إلى إسقاط فكرة التشاور وإهمال الأهمية القصوى لاستمزاج النواب، ومعرفة رأيهم في الأسماء وفي البدائل المحتملة.
لقد خرج الرئيس من ورطة توزير النواب بنجدة ملكية. أما التعديل، فقضيته هو وحده دون غيره؛ فإما أن ينجح في إنجازها على أفضل وجه، فيقوّي حكومته ويتمكن من المضي قدما للأشهر المقبلة، أو لا ينجح فيضع مستقبل الحكومة في مهب الريح، وستجد نفسها تترنح في ظرف أسابيع وليس أشهر؛ إذ تتربص بها معارضة نيابية شرسة، خبرها الرئيس قبل الثقة وفي الأيام الماضية بعد الثقة.
ولهذه المعارضة قضية بسيطة ومحددة، هي إطاحة حكومة النسور، وستتوفر لديها كل يوم المناسبات والأسلحة لهذا الهدف. ولن يقطع الرئيس مسافة طويلة بدون توفر حائط حماية نيابي قوي، ينبني على قاعدة الشراكة في الرؤية والقرار.
(الغد)