ليس صحيحأً أن رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور يشعر بالحرج تجاه عدم تنفيذ وعده بتوزير النواب، فقد كان هذا الوعد مرتبطأً باستئذان جلالة الملك لإجراء تعديل في الحكومة لتحقيق هذا الهدف، ومن الواضح أن الإذن لم يصدر، وأن جلالة الملك انحاز إلى نبض الشعب عندما ارتأى أن الوقت لم يحن بعد لمثل هذه الخطوة السابقة لأوانها والمرفوضة شعبياً.
والواقع أن رئيس الوزراء نفسه اعترف بأن 85 بالمئة من الشعب الأردني يرفض توزير النواب وأنه يراهن على 15 بالمئة الباقين. ويبدو أن هذا الرهان لم ينجح، علمأ بأنه لم يكن من مصلحة الرئيس أن ينفذ رغبة الأقلية -إن وجدت- على حساب الأكثرية المؤكدة، خاصة وأنه يعرف أن توزير عشرة نواب سيغضب 140 نائباً وسيفجر الكتل النيابية الهشة التي لا تستطيع أن تجمع على من يمثلها في الحكومة.
يمكن الآن طي صفحة التوزير، مؤقتاً على الأقل، وفي هذا مصلحة الرئيس الذي كان سيتورط مع نواب عينهم على الشارع وليس على الدولة، ومصلحة لمجلس النواب الذي يجب حمايته من النواب المستوزرين، واستجابة للرأي العام.
توزير النواب معمول به في البلدان التي تجري فيها الانتخابات العامة بين الأحزاب السياسية وليس بين الأفراد، فمن حق الحزب الذي ينال الأكثرية أن يشكل الحكومة وينفذ برنامجه، اما في حالتنا فقد جرت الانتخابات بين أفراد، وحتى القوائم كانت تختصر في الفرد التي يرأسها، وبالتالي ليس في البرلمان حزب يملك الأكثرية ولا برنامج فاز بالأغلبية.
دعونا نعود إلى الأساسيات، فالمطلوب حالياً أن تمارس الحكومة السلطة التنفيذية وتتحمل مسؤوليتها، وأن يمارس البرلمان السلطة التشريعية والرقابية ويتحمل مسؤوليتها، وأن يقوم كل من الجانبين بمهامه دون التغول على الجانب الآخر، وأن يتصرف الجانبان بروح المسؤولية عن مصلحة البلد وليس على أسس شعبوية، أو بأسلوب العصبية والنرفزة. وإذا كان النواب يهددون الحكومة بسحب الثقة فإن الحكومة تستطيع أن تهدد البرلمان بالحل، لكنا لسنا في ساحة مصارعة، فهناك طرف ثالث هو الشعب الأردني الذي يدرك المخاطر الداخلية والخارجية التي تهدد امنه ومستقبله، ولا يتحمل قرارات متسرعة ومتهورة دون حساب النتائج.
الرأي