منتدون : الإعلام الساخر ارتفع سقفه ولابد أن يبتعد عن الإهانة والتجريح
15-05-2013 09:33 PM
عمون - أجمع المتحدثون في ندوة "الإعلام الساخر: هل تتسع له صدور العرب؟" التي عقدت في اليوم الثاني من منتدى الإعلام العربي في دبي على ضرورة أن يبتعد الإعلام الساخر عن الإهانة والتجريح في تناوله لانتقاد الأشخاص والمسؤولين والحكام، ولكنهم اختلفوا حول مدى اتساع سقف السخرية وحدودها وقيودها التي تعوق عملية التعبير عن الرأي سواء من خلال الكتابات الساخرة أو البرامج التليفزيونية والإذاعية.
واعتبر المتحدثون يوم الاربعاء أن سقف الإعلام الساخر ارتفع بشكل كبير في الآونة الأخيرة خصوصا في دول الربيع العربي، وأشاروا إلى أن الحكام والمسؤولين يجب أن تتسم قراراتهم وتصرفاتهم بالمصداقية والعدل ويعملون من أجل صالح شعوبهم حتى يتجنبوا التعرض للسخرية والانتقاد. وقالوا إن الحاكم العادل لا يتيح اي فرصة للسخرية منه وانتقاده.
وقد أدار الندوة طوني خليفة، الإعلامي اللبناني فيما شارك فيها كل من باسم يوسف، مُقدم برنامج "البرنامج"، قناة "سي بي سي" المصرية، وخلف الحربي، الكاتب بصحيفة عكاظ السعودية، وسامي الريامي، رئيس تحرير صحيفة "الإمارات اليوم"، ومحمد فتحي الصحفي بصحيفة الوطن المصرية، وهند خليفات الكاتبة الساخرة بصحيفة الرأي الأردنية.
واستندت الندوة إلى عدة محاور أبرزها واقع الإعلام الساخر في الوطن العربي، والدور الذي يضطلع به الإعلام الساخر في المجتمعات.. وأثره في إحداث التغيير الإيجابي المنشود؟. كما طرحت الندوة تساؤلات حول ما إذا كان للإعلام الساخر قواعد وأطر ومعايير محددة ومستقرة؟، وأسباب تراجع الإعلام الساخر في الصحافة التقليدية وانطلاقته القوية عبر المنصات الرقمية؟ ومرجعيات القائمين على البرامج الساخرة في تحديد الخيط الفاصل بين النقد والتجاوز؟.
وفي مستهل الندوة قال مدير الندوة طوني خليفة إن الضحك من كثرة الألم وتحول الدموع إلى ابتسامات بات بمثابة بدعة عربية محضة، حيث تمكن العرب من تحويل العذاب والضجر والغضب إلى ضحكات وابتسامات وذلك من خلال الإعلام الساخر والنكتة اللاذعة.
وقال إنه مع تطور ظاهرة السخرية واطّراد أعداد المتابعين والمهمتين، انتقل بعض هؤلاء المبدعين من الفضاء الإلكتروني إلى قنوات فضائية، وسجلوا نجاحاً باهراً واستقطبوا نسب مشاهدة عالية فاقت التوقعات ووصلت في بعض الأحيان إلى ملايين المشاهدين للحلقة الواحدة. إلا أن هذا اللون من البرامج أثار زوبعة من ردود الفعل والانتقادات والملاحقات القانونية، واتُهم بأنه لا يُميّز بين الشتم والنقد، وأنه قد حاد في معظم الأحيان عن تقاليد المهنة، فاصطدم بالقوانين والأعراف الراسخة، ليظل تفسير ذلك حائراً ما بين مدى تقبّل العقلية العربية لهذا القالب التعبيري الجديد وفهمه واستيعابه من ناحية، ومدى إتقان القائمين عليه لتوظيف أدواتهم بالأسلوب الصحيح ليحافظوا على اتزانهم على هذا الخط الرفيع، دون الوقوع في زلات أو الانجراف بعيداً عن النسق القيمي والأخلاقي لثقافتنا العربية.
وتساءل طوني خليفة إلى أي مدى اضطلع الإعلام الساخر بدور الجلاد ورد التجريح بالتجريح والإساءة بالإساءة، مشيرا إلى أن خير من يرد على هذا التساؤل هو الإعلامي الساخر باسم يوسف، الذي علق بقوله إن مفهوم السخرية لا يحمل معنى الإهانة أو التجريح، معتبرا أن الحاكم هو المسؤول الأول عن تعرضه لاي سخرية أو انتقاد؛ فالحاكم العادل لا يمكن أن يتعرض لأي سخرية من شعبه بل لا يلقى من شعبه إلا كل تقدير واحترام.
وأضاف باسم أن الأمر ببساطة أنه يعرض منهجا ورأيا إعلاميا ولأي شخص أن يتقبله أو يرفضه.
كما سأل طوني عما إذا كان هناك اي حدود للسخرية، فقال باسم إنه لا يقبل بوضع أي قيود على محتوى ما يقدمه طالما أنه ينتقد مواقف وتصرفات الأشخاص، ولا ينتقد الأشخاص أنفسهم أو صفاتهم التي خلقهم الله عليها.
وأشار باسم إلى أن "لإعلام الساخر يقدم منتجا والجمهور هو الذي يحدد السقف المسموح، فإذا لم يراع المقدم ما هو مسموح وقدم شيئا ممجوجاً، فإن الجمهور سيرفضه ولن يقبل على المحتوى الذي يقدمه.
ورداً على سؤال موجّه للكاتبة الأردنية الساخرة هند خليفات حول ما إذا كانت تؤيد فرض حدود معينة للسخرية، قالت خليفات إن "المجتمع لا يزال يتعامل مع السخرية كمخبر" ، مشيرة إلى أن لديها تحفظ على سقف السخرية "فأنا لا أقبل التجريح واستخدام الألفاظ البذيئة والجارحة والخارجة عن حدود الأدب والعادات والتقاليد.
وقالت خليفات إن ميادين التحرير الجديدة مثل فيسبوك وتويتر جعلت العالم العربي كله ساخرا.
من جانبه قال الكاتب السعودي خلف الحربي إنه بالنسبة للسعودية، هناك قيود على الصحافة والإعلام وهناك قائمة من التحديات عندما يتطرق الحديث إلى الإصلاح السياسي. وقال الحربي إن باسم يوسف استمد شعبيته وجرأته من اتساع نطاق الحريات في مصر بعد الثورة.
من جانبه، أوضح سامي الريامي أن السخرية تعتبر من أصعب الفنون والممارسات الإعلامية، وهو إعلام يتسم بالرقي ولا يجيده إلا المبدعين والبارعين، وأضاف أن خطا رفيعاً يفصل بين السخرية والتجريح.
وأوضح الريامي أن الخطوط الحمراء في الإمارات تتمثل في العادات والتقاليد الاجتماعية، وقال الريامي إن السخرية يجب أن تهدف لتصحيح الأوضاع وليس للتجريح، "ونحن كإعلاميين نتمنى رفع سقف الحرية، ولكن الحرية لا تعني السب والتجريح، فنحن نريد الحرية المسؤولة التي تفيد المجتمع ولا تضره".
وشبّه الكاتب المصري الساخر محمد فتحي السخرية بالفأس الذي حطم بها سيدنا إبراهيم عليه السلام الأصنام، مشيرا إلى أنه "طالما هناك صنم، فهناك فاس". واعتبر فتحي أن "الحاكم يستحق السخرية إذا كان ظالما ولم يراع حقوق شعبه". وأضاف أن السخرية تعتبر وسيلة وليست هدفا في حد ذاتها.
واتهم طوني الإعلام الساخر بأن هدفه في المقام الأول تحقيق مردود مالي وتجاري، غير أن باسم يوسف أبدى رفضه الشديد لذلك، قائلا إن المردود المالي والشهرة يمكن تحقيقهما عبر برامج أخرى وأعمال أخرى بخلاف السخرية. وحول سبب انتقاده الدائم للقنوات الفضائية ذات الطابع الديني، قال باسم إن السخرية في العالم كله تستهدف السلطة والتيار اليميني، ونفى باسم يوسف أنه ينتقد تلك القنوات لأنه علماني، معتبرا أن هناك من يستخدم الدين من أجل الوصول إلى السلطة.