لا بد للشاب أن يعرف معرفة جيده ؛ أن الجاهل شبه ميت ؛ ولو أنه يسير على قدميه ؛ ويأكل وينام ؛ ويصحو ؛ وغير ذلك من صفات الحياه الدنيويه البدنيه؛ وأن العالم أوالعارف حي ؛ منتبه ؛ يقوم بواجبات أو مسؤوليات شخصية أو عامة ؛ وهو لا يترك أي فرصة للتهاون في الإنتباه والإهتمام بقيمة العلم والمعرفه .

قال سبحانه وتعالى‏:‏ ‏" قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إنما يتذكر أولو الألباب." ‏‏ وقال تعالى‏:‏ ‏" يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ." ‏صدق الله العظيم.

العلم والمعرفة زينة وكرامة في اوقات الرخاء والسلام ؛ وحصن منيع في أوقات الشدة والصعاب . العلم قوة ومنعة وحريه وثقة بالنفس . ويبعد العارف أو العالم عن الشبهات والظنون. والعلم نقيض الترديد والتكرار والمحاكاة والحفظ الأعمى. والعالم أو العارف يشاهد بدقه ؛ ويتحرى بالتحقيق ؛ ويجرب بالممارسة ؛ ويبحث ويدرس ويستطلع للكشف عن المجهول الغامض ؛ واستخراج الجديد غير المعروف. قال سبحانه وتعالى:

(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ ۚ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) صدق الله العظيم.

ولكي يفوز الشاب في طلب العلم والمعرفه ؛ عليه أن لا يقبل بما يلقن له أو يعرض عليه من معلومات أو معارف ؛ إلا أذا كانت مستندة إلى الحقيقة العلميه الثابتة التي لا شبهة فيها. وعليه أن لا يقبلها قبل أن يسأل: كيف ؛ ولماذا ؛ وأين ؛ ومتى ؛ ومن ؛ وكل الأسئلة التي توصله الإجابة عليها إلى الإقتناع بها وفهمها فهما واعيا واضحا.

يحتاج الشاب إلى التركيز والإنتباه والإهتمام في طلب العلم والمعرفه بحثا؛ ودراسة ؛وتجربه ؛واستطلاعا لمعرفة المجهول من المعلوم ؛ فهي من أهم أسباب النجاح في الحصول على العلم والمعرفه. فلا يسمح لنفسه أن ينشغل تفكيره تصورا أو تخيلا بغير ما يدرس أو يتعلم. وعليه أن ينظم برامج دراسته تنظيما دقيقا ؛ وأن يخصص أوقاته للتركيز على الإنتباه ؛ والإهتمام بما هو في صدده من علم ومعرفه. وعليه أن يعرف ما يقرأ ؛ وأن يفهم بدقة ما يقرأ ؛ وأن يدقق ؛ ويبحث ؛ ويدرس ؛ويحلل ؛ ويناقش ؛ ما فهم حتى يقنع قناعة تامة ؛ ولا ينسى ما هو مقتنع به؛ فيصبح العلم علمه ؛ والمعرفة معرفته. قال سبحانه وتعالى :

" إقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ ألإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ لأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ كلا إِنَّ ألإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى كَلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ كَلا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ."

على الشاب خلال دراسته وتعليمه أن يحسن الإستماع ؛ وأن يدون المهم من الملاحظات والتعليقات ؛ وأن يسجل المقتبسات تسجيلا ييسر ويسهل إستعادتها والإستناد إليها. وعليه أن يهتم بمعلمه أو إستاذه اهتمامه بالعلم ؛ وأن لا يتردد أو يحجم عن الإستفسار منه عن كل ما لا يفهم أو يعي أو يعرف ؛ وأن ينتبه للجزئيات قدر إهتمامه بكامل الموضوع ؛ وأن يكافح التعب بمزيد من الجهد ؛ والملل بمزيد من الإنتباه والنشاط.

إذا وجد الشاب جديدا نافعا عليه تدوينه بخط يده الواضح وبالنص الذي ينبع من تفكيره وأسلوبه ومن فهمه ومعرفته ؛ فالكتابة تساعد على تغذية الذاكره وتيسر وتسهل الإستعاده والمراجعة ؛ وتنعش المقدرة على التعبير الواضح عن علمه ومعرفته.

على الشاب أن يعرف جيدا أن المدارس والمعاهد والجامعات هي الخط الأول والأمامي للدفاع عن الوطن ؛ وهي مصدر الأمن والسلام ؛ لأنها منبع العلم والعلماء والقادة والضباط والجنود ؛ وكل مواطن نافع لوطنه ؛ والعلم يكون شعبا تسهل قيادته نحو خيره ؛ ويمنع دفعه نحو ضرره ؛ شعبا يسهل حكمه نحو صالحه ؛ شعبا يستحيل استعباده أو قهره . لذلك على الشاب أن يطلب العلم حتى آخر يوم في حياته لينفع نفسه وينفع شعبه ووطنه.