باستمرار دعا جلالة الملك عبدالله الثاني العالم إلى تبني الحل السياسي الشامل للأزمة السورية، بما يحفظ وحدتها وتماسك شعبها ويضع حدا للعنف وإراقة الدماء.
إلا أن العديد من دول العالم التي تنادي بالحل السياسي تكاد تكون متعمقة بالحل العسكري، مما يتناقض مع توجهاتها المعلنة، وأخرى أشهرت التزامها بالحل العسكري وهيأت لذلك الظروف الملائمة، فقدمت الدعم اللوجستي اللازم وزادت على ذلك. ودول أخرى تشارك على استحياء في حرب ليست معلنة، فهي المتبرعة بالأسلحة غير الفتاكة، وقلة منها تدرس تزويد الجيش الحر بأسلحة فتاكة. بالمقابل يستمر تزويد الجيش النظامي السوري من قبل الفريق الآخر بالرجال والسلاح والخبرات والدعم المعنوي الضروري لإدامة الصراع.
فمن يدعم النظام السوري له أسبابه ومبرراته، ويقدم له الإسناد اللازم جهاراً نهاراً، ومن يدعم الجيش الحر له وجهة نظره ودوافعه، ويظهر جلياً، في ذلك القُطر المظلوم، سباق التسليح، فلم يعد من مبرر لسباق التسلح.
ولا ننسى الفريق الثالث الذي نفذ صبره ولم يعد يطيق الانتظار، فسرعان ما يبادر إلى استخدام السلاح، فبدا فعلاً بتنفيذ الخيار العسكري مع الدولة السورية غير آبه بقوانين الكون كعادته، فقام بشن الحرب من طرف واحد كعادته، وجعله أمراً واقعاً ربما كجس نبض لرد فعل العالم تجاه تدخل عسكري محتمل، بالإضافة لما يحمله ذلك التصرف من رسائل عديدة، للعديد من الأطراف.
إذاً تنوعت الحلول المطروحة عالمياً، وتقلبت، وبعضها تردد إما لعدم واقعيته، أو لتسرعه أو لوجود أجندة مسبقة لدى أصحابه.
وعليه فإن الأطراف العالمية المتصارعة «في وعلى» سوريا الشقيقة، متفقة على الحل، ولكنها مختلفة تماماً على النتائج، ومتناقضة في الأسلوب، باستثناء واحدة:
ففريق يريد حلا أساسه سوريا الأسد ولو بالقوة.
وآخر يريد سوريا «الجيش الحر» بالقوة.
وثالث يرى فرض حكومة انتقالية.
أما نحن، القيادة والشعب، الأمة الوسط، فنصر على الحل السلمي العقلاني، غير المستند إلى القوة الجسدية بل إلى قوة نبذ العنف، وتحكيم مصلحة الشعوب والأوطان والخيارات الديمقراطية التي تفرز الأكفأ والأجدر.
وعليه فإنه مما يجب علينا التركيز عليه أيضاً هو ما أشار إليه رئيس الوزراء د. عبد الله النسور مؤخرا،ً من أن الوضع السوري «تعقد كثيراً، خصوصاً بعد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على دمشق»، وإن المساعي بعدم تدويل الصراع السوري «خرجت عن النطاق»، مؤكداً أن الأردن بات تخشى تدخلاً عسكرياً ضد سورية، وإمكان تقسيمها إلى دويلات مذهبية متصارعة، وأن عناصر كثيرة «دخلت على خط الأزمة السورية في الأيام الماضية، ولم يعد الوضع كما كان عليه قبل أسبوعين.
وإنني أرى بأن الحل الملكي الأردني هو الأسلم والأعدل من بين الحلول المطروحة، لكي لا نصل ويصل القطر الشقيق إلى الأسوأ لا سمح الله.
خلاصة القول :
لقد ثبت بأن الفكر القيادي الأردني يجنح دائما للسلم وأمن الشعوب، وينأى عن الصراع والحروب، وانه ليس دمويا ولا محِرضا، وها هو العالم وحسب تصريحات أخيرة سمعناها وبعد كل المحاولات، يعترف بأن الحل السياسي السلمي للمعضلة السورية هو اقرب الحلول للوصول إلى نهاية معقولة لصراع غير معقول.
muheilan@hotmail.com