قلق واستنفار أردني في كل الاتجاهات
د. باسم الطويسي
12-05-2013 03:18 AM
خلاصة أشهر من الترقب والانتظار وسياسات الغموض الإيجابي والسلبي تبدو نتائجها في تفحص أحداث الأسبوع الماضي، حالة من القلق الرسمي والشعبي والاستنفار بكل الاتجاهات، باتجاه الحدود الشمالية حيث يقظة دبلوماسية غير مسبوقة وحشد نحو حل سياسي للأزمة السورية ما يزال محفوفا بالمخاطر، واستنفار وقلق باتجاه الغرب بعد تزايد الاستفزازات الإسرائيلية التي تستهدف المسجد الاقصى والرموز الأردنية المعنية بإدارة المقدسات، وقلق غير مسبوق باتجاه الداخل مع تصاعد العنف المجتمعي وتفاقمه.
تصاعد الدور الأردني في الأزمة السورية خلال الأسابيع الماضية مع تزايد القلق من حجم مشكلة اللاجئين المنذرة أن تصل حسب التصريحات الرسمية لوزير الخارجية الى ما يقارب نصف السكان، ومع تضاءل فرص بعض السيناريوهات التي راجت خلال الأشهر الأخيرة مثل المناطق الحدودية الآمنة والعازلة، وسيناريو حظر الطيران وغيرها، فيما يستمر شبح السيناريو الأسوأ وهو سيناريو تحويل سورية الى دولة فاشلة أو مقسمة على الحدود الشمالية، نشاط الدبلوماسية الأردنية التي قادها الملك بين عمان وواشنطن وتم استئنافها في عواصم دولية وإقليمية عديدة يسير على حد السيف، وسط طريق محفوف بالمخاطر لإنقاذ ما يمكن ان يبنى عليه من الحياد الأردني المفترض الذي وصل في نسخته الجديدة عمليا إلى ستبدال الحياد بالاعتدال الأردني في الموقف من المعارضة والنظام والبحث عن الحل السياسي والاتجاه سريعا الى المرحلة الانتقالية.
الاتفاق الأميركي الروسي الذي تبلور مؤخرا وانتصر لمنظور الحل السياسي يحقق حدا معقولا من الرؤية الأردنية التقليدية لحل الأزمة السورية سياسيا، وهذا الاتفاق الذي تتسع دائرة المؤيدين له من كافة الأطراف الدولية والأقليمية، والذي أعاد إنتاج اتفاق جنيف المعروف، يضع اليوم الدبلوماسية الأردنية مجددا أمام اختبار جديد؛ كيف تحافظ على هذه الرؤية وكيف سيتم إعادة تعريف المصالح الأردنية على اساسها؟ وهو ما سيتضح قربيا في مدى قبول الأطراف المعنية باستضافة عمان للمؤتمر الدولي حول سورية المزمع عقده قريبا.
في هذا الوقت يتضاعف القلق الأردني وتنحصر مساحات المناورة مع استمرار الاستفزازات الإسرائيلية التي تستهدف القدس يوميا، ووصلت الى تصويت البرلمان على طرد السفير الاسرائيلي من عمان، ما يضع العاصمة الأردنية في حرج حقيقي، فالاتفاق الأردني الفلسطيني حول القدس لم يجف حبره بعد، والنشاط والاستنفار على الجبهة السورية لا ينفصل وفق التفاهمات الأردنية الأميركية الأخيرة عن تحريك مسار التسوية السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فيما تواصل اسرائيل خلق التوترات وآخرها افتعال تصفيات حساب مع النواب الأردنيين أنفسهم والتهديد بكشف من تدّعي بأنهم زاروا الاراضي المحتلة.
مساحات القلق تمتد الى الجبهة الداخلية وما تنطوي عليه الأحداث والوقائع الأخيرة من مصادر داخلية تهدد الاستقرار مع وجود تربة خصبة من تفاقم مشكلات التنمية والأضرار الهيكلية التي أوجدتها السياسيات الاقتصادية والاجتماعية وتواضع البديل السياسي في المشاركة والإصلاح. كل ذلك القلق والاستنفار يدفع الى إعادة تعريف المصالح الوطنية الأردنية على أساس حاجات الداخل الأردني وقدرته على التكيف والاحتمال وليس على أساس أولويات الحلفاء وحاجاتهم مهما كانت الأثمان.
basim.tweissi@alghad.jo
الغد