اربد قصة عشق
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
11-05-2013 09:44 PM
كابن جرش عاش سنوات في اربد من حقه ان يبثها لواعجه و ان يكتب انطباعاته دون ان يتهم بالتعصب لمدينته. جرش هي الام التي ولدت و اربد هي الام التي ربت. و لا اقصد هنا ان اكون حالما رومنسيا و لكن ان اسبر سر نجاح هذه المدينه و تصالحها مع الذات. و عندما اصف هنا فاقصد غالبيه مجتمع اربد الممتد ضمن اردننا الغالي من الرمثا للاغوار و من بني عبيد الى بني كنانه و من المزار للكوره للوسطيه للطيبه لقلب اربد النابض المدينه.
اربد تمثل نموذجا اردنيا فريدا يستحق الدراسه و الوقوف عنده طويلا. هي المدينه الاقرب لوصف المجتمع المدني و لوصف مدينة التعايش. فتحت احضانها لكل قادم من القرى و المدن الاخرى و من فلسطين و سوريا و العراق و لبنان و فاضت عليهم حنوا و محبه فاصبحوا ابناءها و جزء منها و هي امست جزءا من وجدانهم و احرف اسمائهم.
ما يميز مجتمع اربد اولا الموضوعيه و محاكمة الاشياء و الاحداث بعقلانيه و بعيدا عن العصبيه و ابسط مثال جامعة اليرموك بصمة اربد و فخرها. فمنذ انشاء هذه الجامعه جاءها رئيس جامعه واحد من اربد و البقيه من خارج المحافظه و لم نسمع يوما ان اهل اربد شكوا او تذمروا بل كانت الاحاديث تدور حول كفاءة الرئيس و ما قدمه للجامعه و للمجتمع.
الميزه الاخرى لمحافظة اربد هي تقبل الاخر و احترامه لذا ترى في اي لقاء في اربد الاردن ممثله بكافة اصولها و منابتها و عشائرها و قراها و الكل يعتبر نفسه اربديا و اهل اربد يعتبرونه اربديا لذا منذ تاسيس اربد و تطويرها تشارك فيها العائلات من شتى الاصول و المنابت و من شتى مناطق اردننا الحبيب.
اربد بيئه طارده للتعصب بامتياز و مجتمعها لا يتقبل التعصب الديني او تعصب الاصول او الافكار و لقد راينا في انتخابات نقابة الاطباء كيف نافس ابن السلط بافكاره ابن اربد ليحصد ما يزيد على 45% من اصوات اربد و هي حاله من النضوج السياسي و الفكري يندر مثيلها في مدن العالم الثالث.
ما يعجبني في اربد حب اهلها لها و هنا اؤكد من كل اصولهم و منابتهم و ان كنت اعرف ان اهل اربد لا يحبون هذه الجمله و بالنسبة لهم كل من سكن اربد او درس فيها او عاش فيها اربداوي اصيل. ابناء اربد يجولون في الدنيا طلبا للعلم او الرزق و يعودون للسكن فيها و حتى عندما يسكنوا عمان تجدهم اخر الاسبوع في اربد و اعتقد هذا سبب نماء اربد و تطورها.
اردت ان اكتب هذه الكلمات في مدينه احببتها في ظل ما نراه من الدعوات للتعصب و التقوقع و ان اطرح نموذجا اردنيا فريدا في التعايش و الموضوعيه و تقبل الاخر و حب الوطن و بنائه. كيف لا و جوهرة الجامعات في اربد (العلوم و التكنولوجيا) استطاعت في فتره قصيره نسبيا ان تصبح الجامعه الاهم في الاردن. كيف لا و جامعة اليرموك قدمت للاردن الكثير من رجالاتها ناهيك عن مهرجان جرش قبل ان يسطو عليه الاخرون و يشوهوا الهدف منه ليتحول من مهرجان ثقافه و فنون الى مهرجان غناء. كيف لا و مستشفى الملك المؤسس اصبح في بضع سنوات ينافس اعرق المستشفيات و يحصد جوائز محليه و عالميه.
بالتأكيد لكل قاعده شواذها و هنالك مظاهر سلبيه في اربد و لكن القله البسيطه لا تلغي الاغلبيه الجارفه. و اربد نموذج يستحق ان يدعم و ان يدرس فاهلها حب الوطن فيهم اصيل و الرغبه بالتطور و التطوير ديدنهم. و لو لم يكن لاربد الا ان تفاخر بوصفي التل لكفاها.
حمى الله كل ذره من تراب الاردن عزيزه منيعه و حمى الله الاردنين جميعا.