نحن والكويت ومن يفهم الآخر أولا ً ؟
عمر شاهين
24-12-2007 02:00 AM
قد تثير مقالة الكاتب الكويتي "مشاري العدواني" في صحيفة عالم اليوم ردود فعل سلبية لتهجمه على النائب الأردني صالح الجبور؛ لطلبه بأدب جم بأن تقف الدول العربية النفطية بجانب الأردن بسبب المحنة الاقتصادية التي يتعرض إليها.ولكننا نتمنى من الكتاب الأردنيين والكويتيين أن يفتحوا لغة حوار مبنية على المحبة ، علها تنهي جدل خلافي طويل امتد لما يقارب العقدين من الزمن بعد غزو العراق للكويت . وبصراحة كنت أتمنى أن أكتب في هذا الموضوع الحساس منذ زمن طويل ، ولكنني خشيت الأنفس المحتقنة من الجهتين ، ولكني الآن متفائل بعد انتهاء الحقبة العراقية وما آلت إليه من سوء ، والتطورات السياسية التي تشهدها الساحة الكويتية .
لنعود إلى حرب الخليج ، فما سبق هذه الحرب كان الشعبان الكويتي والأردني يمجد البعث العراقي وشخصية صدام حسين ، وما مدح به صدام في الكويت يفوق الأردن بكثير، وذلك لإن الحرب العراقية-الإيرانية ، والتي دفع ثمنها الشعب العراقي غاليا كانت من أجل حماية الخليج العربي من مد الثورة الخومنينة التي كانت تسعى إلى مد الثورة الإسلامية الكويتية ولولا تلك الحرب لتضررت دول خليجية كثيرة من تلك الحرب على رأسها الكويت .
لم أكن أرحب وأنا في الصف السابع وقتها ،بغزو الكويت ،فقد كانت داعمة كبيرة للنهضة الثقافة العربية عموما وللقضية الفلسطينية خصوصا ،وأقسم أني بكيت عندما استشهد البطل الأمير فهد الأحمد الصباح الذي قاتل مع الفلسطينيين ودعمهم في لبنان ، وكان قد طلب من صدام أن يقاتل مع العراقيين ضد إيران وكان داعماًً للرياضة العربية واستشهد بطل يدافع عن قصره وأرضه ، ولم يتذكره قتلته أو علهم لم يكونوا يعرفونه أصلاً بعد أن قتل وهو يقاتل ولم يؤسر.
وتعجبت وقتها من كل من فرح بتدمير الكويت وخرابها، من أجل خلاف نفطي واحتلال عراقي باركته السفيرة الأمريكية وقتها وقالت له : "هذا شان عربي ".وقد كنت أستمع قبل تلك الأعوام لمنشدين إسلاميين يتغنون قبلها بموقف الكويت للقضايا الإسلامية والقومية العربية وهو يغنون "للكويت اغني أغنية الشرفاء ".
الملك حسين رحمه الله كان يحمل موقفا معتدلا ، إلا أن الشعب الأردني لم يقف مع صدام لأنه غزى الكويت ،بل لتأثره بأفكاره الثورية ضد إسرائيل سيما أن الشعب كان قد تأثر وقتها بجرائم إسرائيل القمعية ضد انتفاضة الحجارة ونظام تكسير العظام وغيره ، ومع ذلك فمن الطبيعي ألا يشارك الأردن بمعاونة أمريكا الدول الاستعمارية لتدمير العراق لأننا أدركنا أن أمريكا خدعت حليفها صدام "سابقا"وباركت احتلاله للكويت ، والأمر ليس تحرير بقدر ما هو استعمار نفطي بعد انحلال الاتحاد السوفيتي .
بعد تحرير الكويت واستعمار الخليج ،عذب مواطنون فلسطينيين وأردنيين ودفع الأردن ثمناً كبيرًا وتحل اللاجئين وحرم العمل على الأردني أو لنقل ضيق في الخليج ، ولم نعد نحصل على مساعدات ، وحوصر العراق وشعبه وليس النظام وحاشيته ، وكان الأردن المنفس الوحيد للشعب العراقي ، وفسر ذلك خليجياً بأن الشعب الأردني يساند صدام ، في الوقت الذي كان صدام يمد الأردن بالنفط المجاني وله يد فضلى على الكثير من العرب وأفكاره القومية لم يتبناها الشعب الأردني وحده ،بل المصري ، واليمني والسوري ، تلك الأفكار القومية التي كانت تؤمن بها دول الخليج لا لمواجهة إيران وحسب بل لمواجهة التيار اليساري .
أظن أن ما حصل للعراق وشعبه لا يسر أحد ، وأظن أن الأردن لم يحتل الكويت بل هو شعب يحب كل العرب ، ويقف معهم دوما وفتح أرضه لهم ولاستثماراتهم ، ووقف مع كل قضية عربية وعالمية، وفي كل أسبوع نشاهد جلالة الملك عبد الله يحاول كل جهده للوقوف مع أي قضية عربية وخاصة الفلسطينية ، وقدم كل طاقته لإصلاح ذات البين بن العرب حتى يحل السلام وينتهي القتل والتشريد بعد أن أيقنا جميعا أن عدونا يفوقنا قوة وسلاحا.
لماذا لا نفتح صفحة جديدة ، فنحن لم نقل أن نفط الكويت لنا ، بل لهم ، إذا أنهينا فكرة الوطن العربي ولم نعد نؤمن بها، ولكن هل طلب المساعدة من دولة شقيقة يتطلب ردة فعل عنيفة وكأنها جريمة.
لقد فتحنا أيدينا سابقا في مدريد لكل الأعداء وصرخنا أن أوان السلام ، وتصالح معنا العدو ، والكويت بلد مجروح ، وما حصل للعراق يفوق جراحها بكثير ، واحتلال أمريكا للخليج يفوق احتلال الكويت ،فلنبدأ من جديد متوحدين في الدين الإسلامي و العروبة، فها هي أوروبا المصابة بجروح الحرب العالمية الثانية تناست جراحها فكيف بأشقاء اللغة والتاريخ والعروبة.
لنبدأ من جديد كما كنا قبل عام 1990، ولتعيد الكويت فتح المكتب الثقافي في سفارتها، وللنظم أسبوع الإخاء الأردني الكويتي ، ولنتغاضى عن الجراح ناظرين إلى المستقبل ، وهذا مناط بكتابنا بأن نكتب كلمة خير توفق وليس هجمة أو شتيمة تفرق ، مذكرين أشقاءنا الكويتيين أن اعتزازهم بصور بوش الأول والثاني جرحا لكل عربي ومسلم .
أما عن موضوع رغد ، وحمايتها ،فقد آمنها ملكنا حفيد الهاشميين وهل يقبل عربي شريف بأن لا يحمي امرأة وهل في قاموس العروبة من يعتبر تسليم امرأة لمحتل شهامة أم نذالة وخسة .
صدام الذي أسر واعدم أيها الأشقاء الكويتيين ليس صدام محتلكم فقد اعتذر لكم ، واعدم وهو يحمل القرآن ويستشهد وأعدم وهو يساند المقاومة الشريفة لتحرير أرض الرافدين من مغتصبي الأرض والعرض .
دعونا نكتب لبناء أخوة عربية بأخلاق العرب الأوائل وأخلاق سيد بني هاشم الذي قال لقاتليه ومخرجيه أذهبوا فأنت الطلقاء ،لا أستجدي أردنيا أو كويتيا إنما أستجدي الإخوة العربية والرابطة الإسلامية بين كل الشعوب العربية .
Omar_shaheen78@yahoo.com