العنف الجامعي كي لا يبقى أسير التسطيح
د. اسامة تليلان
07-05-2013 02:50 PM
كنا طلبة في الجامعات وكانت الساحات الجامعية تعج بأمرين الاول التنافس الفكري والسياسي بيننا كطلبة والثاني التنافس المعرفي والقرائي، وغالبا ما تجاور الاثنان معا. وغالبا ما احيط هذا التنافس بالتسامح والحوار والعمل السلمي، والساحات الجامعية كانت مخصصة للأنشطة الجامعية والأيام المفتوحة.
فإذا كان الذي يحدث من عنف في جامعتنا اليوم غير مفتعل من اطراف تهدف الى استخدام الجامعات وشبابها الى نشر الفوضى وهذا احتمال ينبغي التحقق منه، فما الذي حدث وغير معايير التنافس من الميادين الاكاديمية والمعرفية والفكرية الى ساحات لتبادل اللكمات والطلقات والقتل أحيانا. انه اشبه بالانتقال الفكري والنفسي للمجتمع بأسره.
وحتى يتم مثل هذا الانتقال فان الامر لا يمكن ان يتم بطريقة مباشرة ومفاجئة وإنما لا بد وان يأخذ صورة العملية التي تنطوي على عمليات هدم وبناء، هدم لقديم وبناء لجديد. وعندها لا بد من تناول ظاهرة العنف الجامعي كجزء من ظاهرة العنف المجتمعي بشكل عام، وهو التصاعد الذي لا بد وان يمر في فترة زمنية وبوتيرة تشبه الطفح الذي يتنامي دون احساس مباشر فيه حتى يتراكم ويغدو ظاهرة صادمة.
وبالتالي فان تفسير مثل هذه التغيرات الجوهرية تفسيرا يفضي الى فهمها يفترض بالضرورة ان تكون هناك مدخلات وعوامل عدة اسهمت في تكريس هذه الظاهرة، ومن غير الدقيق ان يتم تناولها بطريقة سطحية تكيل الاتهام لهذا الطرف او ذاك او تحمل هذا العامل المسؤولية وتتجاوز عوامل اخرى، أو وفق تعميمات سطحية مباشرة.
وأمام مثل هذه المعطيات، وحتى نفهم هذه الظاهرة بعيدا عن التسطيح، لتبدأ بعدها عملية اجتراح الحلول بمستوياتها المختلفة، قد يكون من الانسب السير بطريق من اتجاهين، الاول يرتبط بنتائج التحقيقات الامنية في قضايا العنف الجامعي، فهي تشكلا فيصلا اساسيا للوقوف على ابعاد الظاهرة، وما اذا كانت حوادث فردية بإبعاد فردية او حوادث تقف خلفها عمليات توظيف لتحويل المشاجرة الصغيرة الى موقعة أخرى.
والطريق الثاني الذي لا بد وان يسير الى جانب التحقيقات الأمنية المهنية المعمقة في قضايا العنف الجامعي والمتورطين فيها، فقد كان اقتراحا مشتركا مع احدى الزميلات الاكاديميات، وهو ان تقوم الجامعات الاردنية المتأخرة اصلا بعلمية البحث العلمي بإجراء دراسات رصينة ومهنية من قبل الاقسام المختصة فيها حول ظاهرة العنف بين طلبة الجامعات، على ان يكون الطلبة المشاركون في عمليات العنف والمشاجرات الجامعية هم الجزء الاكبر من العينة الدراسية. دراسات تصل بنا الى نتائج علمية دقيقة تقل فيها فرص الخطأ، وتظهر فيما اذا كانت هذه الاحداث تشكل تحولا في بنية الطلبة والمجتمع الفكرية والنفسية أم انها تقبع في حدود اقل من ذلك.
نريد ان نصل الى نتائج محددة وواضحة حتى تقل درجة التعميمات والتسطيح في التعامل مع قضايا تمس جوهر حياتنا، وحتى لا يستمر كل طرف في تفسير ما يحدث في جامعتنا وفق هواه واتجاهاته، بينما الاسباب الحقيقية ما زالت دون بحث او علاج.
"الرأي"