أطلبوا السلام ولو في الصين
اسعد العزوني
06-05-2013 05:45 PM
جاءت دعوة الصين لكل من رئيس السلطة الفلسطينية محمود ميرزا عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بيبي نتنياهو إلى بكين، لعقد لقاءات منفصلة معهما حول إمكانية تحقيق السلام في المنطقة، كعلامة واضحة تؤشر على اقتراب الصين، من التربع على عرش العالم، على أنقاض الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن ينجح يهود في تفكيكها، على غرار ما فعلوا ببريطانيا العظمى، بعد أن أمنت لهم السيطرة على الساحل الفلسطيني نواة لدولتهم، ونصبوا أمريكا بعد ذلك زعيمة للعالم، وسيطرت على مفاصل صنع القرار فيها، بدءا من الإعلام ومرورا بالكونغرس وانتهاء بـ"الوول ستريت".
لن ننسى ما زرعوه في البيت الأبيض لتطويق الرئيس، جمهوريا كان أم ديمقراطيا، إضافة إلى مراكز اللوبي اليهودي وفي مقدمتها مركز روزنتال والإيباك وميمري، الذين ينشرون الرعب داخل الولايات المتحدة ويمسكون بغالبية المفاتيح الإنتخابية في أمريكا،ولا بأس من التذكير بدور ميمري في العالمين العربي والإسلامي وهو التهديد بوقف المساعدات الأمريكية عن الدول التي فيها رأي عام ضد إسرائيل؟
ليس شرطاً أن يعود كل من عباس ونتنياهو، وتحت إبطيهما معاهدة سلام، أو حتى اتفاقية إطار للتفاهم المشترك على الخطوات الواجب إتباعها لطي ملف القضية الفلسطينية،لأن العملية أكثر تعقيدا وصعوبة مما يظن الجميع، بمن فيهم الأصدقاء الصينيين،فعلاوة على أن السلام وإسرائيل لا يتفقان، لأن قادة إسرائيل يؤمنون أن السلام لم ولن يكون يوما ما مصلحة لإسرائيل.
قادة إسرائيل قبل غيرهم يعلمون جيدا أن السلام هو العدو الحقيقي لإسرائيل،وهو الوسيلة الوحيدة التي ستلحق بها الهزيمة، لأنهم وهذا هو ديدن يهود، لا يعيشون في واقع آمن ومسالم ولا يعرفون معنى العيش المشترك،ولو كانوا غير ذلك، لنسجوا السلام مع مصر كامب ديفيد وسلطة أوسلو، وأردن وادي عربة، ناهيك عن العديد من الدول العربية التي تقيم مع إسرائيل علاقات دبلوماسية وتجارية قوية ولكن من تحت الطاولة لأن شعوبهم لا تستوعب مثل هذه الخطوة.
ليس مغالاة القول أن إسرائيل تخاف السلام أكثر من خوفها من الحرب،لأنها مدججة بالأسلحة عكس الخصوم الظاهريين الذين يدفعون مئات المليارات من الدولارات ثمنا لأسلحة لا تصلهم وإن وصل بعضحا فيكون خربا أو لا يتم استخدامه.
وهي بذلك تستغل كل حالات العداء العربي الظاهري لها ب"التبكبك" أو التباكي، أمام الرأي العام الغربي،وتقول لهم أنها كحامية للقيم الغربية في المنطقة،وواحة الديمقراطية الوحيدة،مهددة بالإزالة من قبل العرب والمسلمين،وتجبر الغرب على مساعدتها حتى لا يتمكن العرب والمسلمون من هزيمتها فيضطر اليهود للعودة إلى بلدانهم الأصلية في أوروبا ويعيدون الكرة من جديد في إفساد الغرب مجددا.
لكن لماذا هذه الخطوة الصينية الآن،وهي بالتأكيد ليست عملا صينيا بحتا،بل هي بتوجيه يهودي،لإيصال رسالة نافرة الحروف إلى واشنطن الذي ينهمك وزير خارجيتها السيناتور جون كيري، بتكليف من رئيسها أوباما،في سبر أغوار إمكانية إعادة الطرفين إلى طاولة المفاوضات، ومفاد هذه الرسالة،أنه بات هناك شريكا لأمريكا في إدارة العالم وهو الصين،وليس سرا القول أن أمريكا إستحوذت على إدارة شؤون العالم لوحدها،ولم تسمح لأحد بمشاركتها حتى أن الإتحاد الأوروبي فشل بذلك،وإرتضى لنفسه أن يكون دافع شيكات فقط،فأمريكا كانت مثل"الفريك لا تحب الشريك".
القصة ليست هنا،فهذا هو مسار التاريخ،حضارات سادت ثم بادت،ولكن السؤال الصعب والمهم هو:ماذا فعل العرب تحضيرا لتربع الصين على عرش العالم؟الجواب لا شيء،وجل همهم الضغط مدفوع الثمن على بكين،للوقوف ضد إيران في المحافل الدولية،ولم يعودوا يتحدثون معها عن القصية الفلسطينية ولا عن القدس قيد التهويد.
كما فعل العرب مع أمريكا،وكانوا تبعية مطلقة،فإنهم سيكونون مع الصين تبعية مطلقة، وإن كانت متأخرة لأن يهود نسجوا علاقة قوية نافعة مع الصين منذ زمن، وتجسسوا على أمريكا لصالحها وسرقوا أسرار تقنيتها وباعوها للصين،ولذلك فإن وجودهم في الصين ليس عابرا.
الغريب في الأمر أن هذه الدعوة جاءت بعد تجديد مبادرة السلام العربية وإعلان العرب موافقتهم على التبادلية التي رفضها نتنياهو وقال علانية أنه سيعرض أي إتفاق سلام مع الفلسطينيين على الرأي العام الإسرائيلي للإستفتاء؟؟؟!!!!