على سبيل مسخرة الأشياء ، ظهر في عمّان في أواخر التسعينيات مصطلح "الكومبيوتر بويز" ، تندراً على أفراد الجيل الشاب في الإدارة الأردنية الذين يحملون معهم جهاز "اللاب توب" في الاجتماعات ، فيشحنونه بالمعلومات ، ويستعيدونها ، ويعرضون من خلاله الخطط ، إلى آخر الإستعمالات ، التي ليس لها آخر.وبالضرورة ، فالمسؤولون عن تعميم ذلك المصطلح هم غير القادرين على استعمال الكومبيوتر ، بما يمثله من تقدّم حضاري ، والمتضررون من ظهور جيل جديد يستخدم التقنيات لاختصار الوقت ، وتعزيز الكفاءة ، ومعروف أنّ أيّ تطوّر لا بدّ وأن يُواجه بمعوّقات التخلّف.
ولأنّ الكومبيوتر صار رفيق الناس جميعاً ، فمن النادر أن يخلو بيت من جهاز ، وقريباً سيستطيع كلّ طلاب الجامعات أن يمتلكوا "اللاب توب" بأسعار رخيصة ، وبتقسيط مريح ، اندثر مصطلح "كومبيوتر بويز" ، لكنّ أصحابه ما زالوا موجودين ، فالشدّ العكسي لا بدّ وأن يتواجد ما دامت هناك مسيرة نحو المستقبل.
ولأنّ الوقت متاح لدى هؤلاء ، والفراغ والثرثرة هما عنوان جلسات المقاهي والصالونات ، فقد تمّ نحت مصطلح جديد في صخر اللغة العربية ، هو "الديجيتاليون" ، لوصم الجيل الجديد الشاب بعار التقدّم ، ومحاولة إعادته إلى طريق الصواب حيث اللعب بالبيضة والحجر ، والحساب بقلم الكوبيا ، والكتابة الكربونية ، وتمضية الوقت بالاستماع إلى الحكواتي.
ولسنا نعرف بلداً كالأردن يمكن أن تجد فيه من يتمسخر على العلم ، والغريب أنّ هؤلاء الذين ينحتون في اللغة العربية لا يعرفون أنّ "الديجيتال" هو"الرقمي" ، وأنّ الصفر هو إختراع عربي قحّ ، وأنه لولا الصفر لما كان هناك ديجيتال ، وننهي بالقول إنّ الأصفار على اليمين يمكن أن تضاعف الرقم مليارات المرات ، أمّا الأصفار على الشمال فلا تزيد شيئاً مهما كثرت ، وهؤلاء الذين نقصد مجرّد أصفار على الشمال.