صالحي في عمان : زيارة غير عادية!
حسين الرواشدة
06-05-2013 03:49 AM
من المتوقع ان يصل وزير الخارجية الايرانية اليوم الى عمان، والزيارة - بالطبع - ليست اعتيادية، فمنذ سنوات اتسمت العلاقة بين عمان وطهران “بالبرودة” والحذر، لكن بعيدا عن “الصدامات” الدبلوماسية او القطيعة السياسية، لكن هذه المرة يبدو ان لدى طهران “رسائل” عاجلة تدفعها الى كسر هذه “البرودة” والبحث عن “مشتركات” وربما اجابات محددة حول موقف الاردن من الملف السوري الذي يقترب سريعا من لحظة الحسم.
انحياز طهران الى النظام السوري لم يكن مجرد موقف تكتيكي وانما قرار استراتيجي تم بناؤه والالتزام به تبعا لقراءة سياسية توافقت حولها معظم “المرجعيات، هناك، وهذه القراءة استندت - كما يبدو - الى اعتقاد طهران بانها مستهدفة، وبان “اسقاط النظام” السوري ممر اضطراري لقص اجنحة نفوذها وصولا الى “تأديبها” عسكريا واغلاق “ملفها” النووي الذي استعصى سياسيا بحرب استنزاف تبدأ من دمشق مرورا بلبنان وصولا الى العمق الايراني.
الرسالة التي يحملها صالحي لعمان مكشوفة ومفهومة، فهو يريد ان يبلغ المسؤولين بان “اللعبة” التي تجري في سوريا وصلت مداها الاخير، وان “اللاعبين” الكبار فيها لن يتوقفوا عند ابواب “دمشق” وانما سيصلون الى “طهران”، وبالتالي فان الاستنهاض السياسي الايراني يهدف الى تجنيب المنطقة ويلات حرب يمكن ان ينجح البعض في اشعالها لكن لا احد سيعرف الى اين ستنتهي، وطهران - هنا - تدرك تماما بان لدى عمان ذات الهواجس والمخاوف، وبانها - على خلاف غيرها من الدول المتورطة في التجييش والتدخل، ليس لديها رغبة في حرب جديدة، كما انها قد تملك بعض الاوراق المهمة لدفع هذه “الاشباح” الخطيرة التي تطارد امن المنطقة واستقرارها.
ربما يحمل صالحي ايضا حزمة من “الاغراءات” السياسية لعمان، وربما يضعها امام “تصور” طهران لما قد يترتب على التحولات في الملف السوري من نتائج واخطار، وربما - ايضا - يقدم “عناوين” مختارة لما تفكر به ايران من ردود على اي استهداف تتعرض له، خاصة اذا ما دخلت اسرائيل كطرف في الحرب، وربما يطمئن المسؤولون هنا بأن طهران حريصة على علاقاتها مع عمان، وبأن “الحياد” الاردني سيجد لدى الايرانيين اصداء طيبة.
في موازاة ذلك، يدرك صالحي بأن “موقف” الرأي العام في الاردن تغير كثيراً تجاه ايران، وبأن سنوات “المرارة” التي اعقبت غزو العراق ومن ثم “العبث في سوريا” ولدت لدى الشارع الاردني مزيداً من المخاوف تجاه السياسات الايرانية، فقد اصبح رصيد ايران الشعبي متواضعاً، لكن مقابل ذلك ثمة رأي عام اردني متصاعد تجاه رفض الحرب، ورفض التدخل في الملف السوري، ومع حق الشعب السوري في تحديد وتقرير مصيره، ومن هذه الزاوية تحديداً يمكن للضيف الايراني ان يجد صدى لزيارته لعمان، وقبولاً او تفهماً من قبل المسؤولين الاردنيين.
على الطرف الآخر، ستحاول عمان ان “تستكشف” ما يدور في اذهان المسؤولين بطهران، وان تؤكد حرصها على “الحل” السياسي للملف السوري، وعلى سياسة “النأي” بالنفس رغم الضغوطات التي تتعرض لها، وستكون ثمة “فسحة من التفاهم المشترك” حول تجنب الحل العسكري، مع تحفظات على طبيعة الدور الايراني وربما نصائح للمساهمة في دفع قطار “التحول” الانتقالي والنزول عند رغبة الشعب السوري، من خلال ما تملكه طهران من “اوراق” يمكن ان تقنع “النظام” السوري بقبول عرض “جنيف” او التوافق على “تسوية” تحمي سوريا من شبح الحرب الاهلية، او التدخل العسكري.
على الارجح، يبدو ان كرة “الحرب” تتدحرج بسرعة، وان طهران تشعر بأنها تلعب في “الوقت بدل الضائع” وان أي تفاهم مع “عمان” او غيرها من عواصم المنطقة “سيضع” حجراً - ولو مؤقتا - في عجلة “الوصول الى الحافة” لكن المؤكد ان “اللاعبين” الكبار لهم حساباتهم التي قد لا تخضع لأية تفاهمات في المنطقة، وان “قرار” الحرب لن يتوقف الا اذا قرر الاسد الخروج من السلطة، سواء بضغط وتسوية مع طهران او بدونها، فيما لا تبدو عمان قادرة على ضبط “ايقاع” مزاجها على مقياس ما تفكر به طهران او حتى غيرها من العواصم ذات العلاقة بالملف السوري.
الدستور