عملات دول الربيع العربي تنزف والدينار الأردني مستقر وقوي!
زياد الدباس
06-05-2013 03:45 AM
خسائر جسيمة تتعرض لها عملات دول الربيع العربي وفي مقدمتها العملة السورية والمصرية واليمنية والتونسية إضافة إلى خسائر الدينار العراقي والعملة السودانية وبالمقابل نلاحظ ثبات واستقرار سعر صرف الدينار الأردني ، وتراجع سعر صرف عملات هذه الدول يعكس بصورة عامة تراجع احتياطياتها من العملات الأجنبية مع العلم ان عدم الاستقرار السياسي والأمني من الأسباب الرئيسية لتراجع احتياطي هذه الدول بسبب تراجع دخل عدة قطاعات هامة من العملات الأجنبية وفي مقدمتها قطاع السياحة وقطاع الاستثمار وتراجع تحويلات العاملين في الخارج و تراجع قيمة الصادرات و تباطؤ النمو ، ومن الملفت للانتباه امتناع تجار التجزئة في العديد من الدول الخليجية وبعض الدول العربية التعاطي مع عملات هذه الدول وحيث أخبرني بعض الأصدقاء المصريين والسوريين الذين ذهبوا للسعودية لأداء العمرة أو زيارة دبي للسياحة عدم قبول عملات دولهم من قبل التجار ومكاتب الصرافة والفنادق تخوفاً من انهيار أو تراجع قيمة عملات هذه الدول بشكل كبير مما يعرضهم لخسائر جسيمة.
بينما اعلمني أحد أصحاب محلات الصرافة في أبوظبي ان الدينار الاردني من اكثر العملات العربية ( غير الخليجية ) استقرار و قوة نتيجة ارتباطه بسعر صرف الدولار منذ عام 1995 و ارتفاع حجم الطلب عليه سواء من المغتربين الأردنيين أو من الإماراتيين الذين يذهبون للسياحة او للاستثمار في الاردن .
وخسارة الجنيه المصري منذ بداية الثورة تجاوزت حاجز 30% بحيث قفز سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى 7.5 جنيه بينما انخفض سعر صرف الليرة السورية إلى 130 ليرة مقابل الدولار والملفت للانتباه أن العديد من دول الربيع العربي وضعت قيود على تحويل العملات الصعبة للخارج خوفاً من هروبها وبالتالي استنزاف احتياطي البلاد من هذه العملات وهذه القيود أثرت سلباً على المستثمرين في هذه الدول وعلى مواطنيها الذين يحتاجون إلى العملات الصعبة سواء للعلاج أو الدراسة في الخارج
والانخفاض الكبير في سعر صرف العملات يساهم في ارتفاع مستوى التضخم نتيجة انخفاض القوة الشرائية للعملات الوطنية وبالتالي ارتفاع قيمة المستوردات وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وانعكاس ذلك على ارتفاع أسعار المنتجات المحلية بقيمة الانخفاض مما يؤدي إلى انتشار الفقر والبطالة وانتشار الجريمة كما يساهم الانخفاض في سعر صرف العملة في تراجع قيمة المدخرات المحلية بقيمة التضخم الناتج عن تراجع القوة الشرائية ويساهم في ارتفاع قيمة المديونية الخارجية إضافة إلى تأثيراته السلبية على الاستثمار وحيث يعاني المستثمرين في دول الربيع العربي من صعوبة تحويل أرباحهم للخارج إضافة إلى انخفاض قيمة هذه الأرباح بنسبة التراجع في سعر صرف العملة الوطنية والانخفاض الكبير في تراجع احتياطيات العملات الأجنبية لدول الربيع العربي أدى إلى انخفاض تصنيفها الائتماني مما يصعب حصولها على قروض خارجية إضافة إلى ارتفاع تكلفة هذه القروض عند الحصول وبالتالي لجأت معظم هذه الدول إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قروض بأسعار فائدة معقولة باعتباره صندوق الطوارىء او المقرض الاخير و حيث ان تكلفة الفوائد على قروض الصندوق تنخفض عن معدلات الفائدة السوقية او اسعار الفائدة المعدلة بالمخاطر
و القرض الذي وافق صندوق النقد الدولي على منحه للاردن خلال العام الماضي يساهم في رفع سيولة الاقتصاد الاردني من العملات الاجنبية مع العلم ان حجم الاحتياطيات الاجنبية في اي دولة مؤشر و مقياس للملاءة المالية التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني و صمام الامان الذي يحمي الاقتصاد من ايه صدمات و ارتفاع هذه الاحتياطيات يساهم في تخفيض انكشاف الاقتصاد للمخاطر الخارجية و يساهم في تعزيز السياسة النقدية كما يساعد على القيام بعمليات التبادل التجاري دون التخوف من مخاطر سعر الصرف
و كفاءة السياسة النقدية في الاردن ساهمت باستقرار و ثبات سعر صرف الدينار و حمايته من التقلبات كما ان الاستقرار السياسي و الامني في الاردن ساهم في تخفيض جميع المخاطر و انعكس على تحسن المؤشرات الاقتصادية و المالية و عزز من تدفق العملات الاجنبية سواء كان مصدرها تحويلات العاملين في الخارج او السياحة او التصدير او تدفق الاستثمار المباشر و الغير المباشر كما ساهم باستقرار التصنيف الائتماني السيادي للاردن و ضمان الحكومة الامريكية لسندات سيادية اردنية تعزز من قيمة الاحتياطيات الاجنبية يعكس ثقة الحكومة الامريكية بالخطوات الاصلاحية السياسية و الاقتصادية الاردنية و هذا الضمان كما هو معلوم سوف يساهم في حصول الاردن على قروض باسعار فائدة رمزية تبلغ 1.7% باعتبارها مستنده للتصنيف الائتماني للولايات المتحدة و هذا الضمان الامريكي سوف يشجع المقرضين و المستثمرين الدوليين في الاقبال على الاكتتاب في السندات التي سوف تطرحها الحكومة الاردنية خلال هذا العام و هذه القروض بالاضافة الى منح و ودائع بعض دول الخليج و المساعدات الدولية سوف تعزز قيمة احتياطيات الاردن من العملات الاجنبية و بالتالي استمرارية ارتفاع مستوى الثقة في الدينار كعملة ادخار و استثمار و الثقة في الدينار لاحظناها من خلال ارتفاع حجم الودائع بالدينار خلال هذا العام مقابل تراجع قيمتها بالدولار مع الاشارة الى ان الفجوة الكبيرة بين سعر الفائدة على الدينار و الدولار في ظل انحسار مخاطر سعر الصرف شجع الاقبال على الودئع بالدينار.
الرأي