كلمة النائب زكريا الشيخ حول العنف الجامعي
05-05-2013 10:55 PM
عمون - كلمة النائب د. زكريا الشيخ في جلسة المناقشة العامة "العنف الجامعي" 5/5/2013 ، تاليا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
إن ما يحدث اليوم في البلاد لا يمكن تقزيمه بمصطلح "العنف الجامعي" بل يجب أن ينظر إليه بصورته الأكبر فهو "عنف مجتمعي" كون أغلبية المشاجرات الجامعية لا تقتصر على طلبة الجامعات بل يشارك فيها أطراف عديدة من خارج الجامعة، كما أن المشاجرات والعنف ليس محدودا فقط بالجامعات بل تجده اليوم في كل مكان.
الأسباب والحلول:
إن المشكلة التي نعاني منها اليوم هي مشكلة "أخلاقية وقانونية وأمنية" وجب التعامل معها من هذا المنطلق، والمسؤولية هي مسؤولية مجتمعية تشارك فيها الأسرة، والمدرسة والجامعة والأجهزة الأمنية والقضائية، وزارة التربية والتعليم والأوقاف والأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني، وفوق هذا كله مجلس النواب، من خلال وضع خطة عمل إستراتيجية للتعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة التي تقود المجتمع الى الفلتان الأمني والفوضى.
- التراخي وتعطيل تنفيذ القانون بخصوص الجرائم المجتمعية والاقتصادية، وخاصة الجرائم الكبرى مثل القتل والسرقة، وبالتحديد خطورة إيقاف عقوبة الإعدام ما ينتج عنه التمادي والاستمرار في ممارسة الجرائم، دون وجود عقوبات رادعة، وإستفزاز ولي الدم حينما يرى قاتل ذويه لم تنفذ به عقوبة الإعدام وسيكون لاحقا حرا طليقا على مرأى عينيه.. فلماذا لا يتم تفعيل الحدود الشرعية والعقوبات الهامة والضرورية الرادعة مثل عقوبة الإعدام وقطع يد السارق، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (179).
- إن القصاص مكتوب على القاتل والمقتول وولي الدم. فإذا علم القاتل أن الله قد قرر القصاص فإن هذا يفرض عليه أن يسلم نفسه، وعلى أهله ألا يخفوه بعيداً عن أعين الناس؛ لأن القاتل عليه أن يتحمل مسئولية ما فعل، وحين يجد القاتل نفسه محاطاً بمجتمع مؤمن يرفض القتل فإنه يرتدع ولا يقتل، إذن ففي القصاص حياة؛ لأن الذي يرغب في أن يقتل يمكنه أن يرتدع عندما يعرف أن هناك من سيقتص منه، وأن هناك من لا يقبل المداراة عليه. ونأتي بعد ذلك للذين يتشدقون ويقولون: إن القصاص وحشية وإهدار لآدمية الإنسان، ونسألهم: لماذا أخذتكم الغيرة لأن إنساناً يقتص منه بحق وقد قتل غيره بالباطل؟ ما الذي يحزنك عليه. إن العقوبة حين شرعها الله لم يشرعها لتقع، وإنما شرعها لتمنع. ونحن حين نقتص من القاتل نحمي سائر أفراد المجتمع من أن يوجد بينهم قاتل لا يحترم حياة الآخرين، وفي الوقت نفسه نحمي هذا الفوضوي من نفسه؛ لأنه سيفكر ألف مرة قبل أن يرتكب جريمة.
كما أن القصاص يتيح المجال للعفو من قبل ولي الدم، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة التغابن: (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
- أما في الجامعات فإن تدخل الواسطة في إعادة الطلبة إلى الجامعات يؤدي إلى تمادي الطلبة في ممارسة الإنتهاكات دون رادع، وخير حل هو تفعيل العقوبة وعدم قبول الواسطات لمن يثبت تورطهم وتعميم أسماؤهم على كافة الجامعات وتفعيل قرارات عمادات شؤون الطلبة في الجامعات والمدارس (من أمن العقوبة أساء الأدب حتى مع الله والرسول والصحابة).
- ضعف العدالة في أسس القبول في الجامعات التي يجب أن تكون على مسافة واحدة من الجميع، وكذلك وضع قوانين صارمة في سلوك الطلبة من حيث اللباس المحتشم الذي عادة ما يكون من أبرز أسباب المشاجرات الجامعية أصولها تعود للتحرش الجنسي اللفظي والجسدي بالطالبات، وأن يكون توزيع طلبة الجامعات ليس على أساس مناطقي جغرافي، بل يجب أن يوزع على كافة الجامعات في المملكة.
- دعم فكرة إنشاء الشرطة الجامعية ومنحهم الضابطة العدلية للتعامل مع مثيري الفتن والمشاجرات.
- إن إستئصال العنف من المجتمع يجب ان يبدأ من مجلس النواب، وهو الأصل فيه أن يكون بيت الشعب والقدوة للأجيال القادمة، فعلينا أن نبدأ من أنفسنا وأن نرسم مثالا أخلاقيا رائدا في التعامل فيما بيننا، وأن نستأصل العنف اللفظي والجسدي، وتفعيل دور لجنة التوجيه الوطني للإضطلاع بمسؤوليتها في الحد من ظاهرة العنف المجتمعي، من خلال برنامج حواري مع طلبة المدارس والجامعات يشارك به علماء متخصصون، اضافة الى وضع عقوبات رادعة في النظام الداخلي لمجلس النواب لمن يمارسون العنف اللفظي والجسدي.
- تفعيل دور وسائل الإعلام المرئي والإلكتروني والمقروء والمسموع، وخاصة التلفزيون الأردني، لتسليط الضوء على ظاهرة العنف المجتمعي ووضع الحلول لها وتبيان خطورتها على المجتمع.
- إعادة الخدمة العسكرية ( التجنيد الإجباري) في البلاد من أجل إعادة تأهيل وصقل هوية أبنائنا المستهدفة من قبل دعاة الرذيلة.
- إعادة النظر بالمناهج المدرسية، وإدخال مادة أساسية في المدارس والجامعات خاصة بالتوجيه الوطني.
- العمل وبشتى الطرق على إعادة الهيبة لمؤسسات الدولة وخاصة الأمنية منها حيث أن المساس بهيبة الدولة يؤدي إلى التمادي والتطاول وخلق مفهوم "شريعة الغاب"، وإجبار الأطراف المتنازعة بالحصول على حقوقها بأيديها ما يدخل البلاد بفوضى عارمة.
- الحفاظ على القيم العشائرية ودورها في إصلاح ذات البين، وهو سلاح وأداة هامة توازي بتأثيرها تفعيل القانون الجزائي.
- إعادة دور المسجد الغائب من خلال تأهيل الأئمة والوعاظ لتناول قضايا حيوية تلامس هموم المجتمع.
التأصيل الشرعي لمفهوم القصاص بحسب تفسير القرطبي:
قوله تعالى : ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون
فيه أربع مسائل :
الأولى : قوله تعالى : ولكم في القصاص حياة هذا من الكلام البليغ الوجيز كما تقدم ، ومعناه : لا يقتل بعضكم بعضا ، رواه سفيان عن السدي عن أبي مالك ، والمعنى : أن القصاص إذا أقيم وتحقق الحكم فيه ازدجر من يريد قتل آخر ، مخافة أن يقتص منه فحييا بذلك معا . وكانت العرب إذا قتل الرجل الآخر حمي قبيلاهما وتقاتلوا وكان ذلك داعيا إلى قتل العدد الكثير ، فلما شرع الله القصاص قنع الكل به وتركوا الاقتتال ، فلهم في ذلك حياة .
الثانية : اتفق أئمة الفتوى على أنه لا يجوز لأحد أن يقتص من أحد حقه دون السلطان ، وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض ، وإنما ذلك لسلطان أو من نصبه السلطان لذلك ، ولهذا جعل الله السلطان ليقبض أيدي الناس بعضهم عن بعض .
الثالثة : وأجمع العلماء على أن على السلطان أن يقتص من نفسه إن تعدى على أحد من رعيته ، إذ هو واحد منهم ، وإنما له مزية النظر لهم كالوصي والوكيل ، وذلك لا يمنع القصاص ، وليس بينهم وبين العامة فرق في أحكام الله عز وجل ، لقوله جل ذكره : كتب عليكم القصاص في القتلى وثبت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرجل شكا إليه أن عاملا قطع يده : لئن كنت صادقا لأقيدنك منه ، وروى النسائي عن أبي سعيد الخدري قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم شيئا إذ أكب عليه رجل ، فطعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرجون كان معه ، فصاح الرجل ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ تعال ] فاستقد . قال : بل عفوت يا رسول الله ، وروى أبو داود الطيالسي عن أبي فراس قال : خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : ألا من ظلمه أميره فليرفع ذلك إلي أقيده منه ، فقام عمرو بن العاص فقال : يا أمير المؤمنين ، لئن أدب رجل منا رجلا من أهل رعيته لتقصنه منه ؟ قال : كيف لا أقصه منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه ، ولفظ أبي داود السجستاني عنه قال : خطبنا عمر بن الخطاب فقال : إني لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم ، فمن فعل ذلك به فليرفعه إلي أقصه منه ، وذكر الحديث بمعناه .
الرابعة : قوله تعالى : لعلكم تتقون تقدم معناه . والمراد هنا تتقون القتل فتسلمون من القصاص ، ثم يكون ذلك داعية لأنواع التقوى في غير ذلك ، فإن الله يثيب بالطاعة على الطاعة ، وقرأ أبو الجوزاء أوس بن عبد الله الربعي " ولكم في القصص حياة " . قال النحاس : قراءة أبي الجوزاء شاذة . قال غيره : يحتمل أن يكون مصدرا كالقصاص . وقيل : أراد بالقصص القرآن ، أي لكم في كتاب الله الذي شرع فيه القصص حياة ، أي نجاة