"الجوجل" من حسن حظ جيل من سبقنا في المدارس والجامعات لم يكن متوافرا أو معروفا ، لذلك كانت المسائل والطلبات المطلوبة من الطلبة كالدراسات والبحوث العلمية والواجب تقديمها لكي تنال علامة مشاركة مميزة من قبل المدرسين في المرحلتين المدرسية أو الجامعية كانت تتطلب سعيا وجهدا من الطلبة آنذاك من خلال البحث والإنشغال بمراجعة المراجع والمقررات الموجودة في المكتبة المدرسية أو مكتبة البلدية أو مكتبة الجامعة الرئيسية والأجمل من... هذا وذاك أن كتابة البحوث كانت تكتب باليد ولا تطبع كما هو الحال حاليا من خلال الحاسوب وتزين بأجمل الألوان والأشكال التي تشد القارئ لقرائتها بشغف وإهتمام ، وليس كما هو الحال حاليا فالمسألة لا تستحق الجهد ولا الوقت فوضع إسم البحث على محرك الجوجل سيلبي لك المادة المطلوبة في دقائق معدودة وستكون خيارات " نسخ " و " لصق " بالحاسوب كفيلة بمنتجة وإخراج البحث في أسرع وقت ممكن .
لذلك فان ما سبق من زمان في مدارسنا وجامعاتنا لم يتميز كما هو الآن " بالفضاوة " وكثرة الفراغ الذي هو الآن أكثر من أي وقت مضى وبخاصة في الجامعات والأدهى من ذلك والأمر أن أساليب التدريس في جامعاتنا تغيرت وتبدلت فلك ان تتخيل عندما يطلب بعض المدرسين في جامعاتنا الأردنية من طلبتهم توفير الوقت والجهد على أنفسهم وعدم الإكثرات بالبحث والإنشغال بمطالعة الكتب والمقررات الخاصة بالمادة والإكتفاء بشراء " دوسية " أو " كتاب " قام بتجميعه او تأليفه لتكون هي المرجع الوحيد للمادة العلمية طيلة الفصل الدراسي الجامعي ... والبعض الآخر من مدرسي الجامعات يستخدم أسلوبا آخر ألا وهو " التنقيل " فالمادة العلمية الخاصة بالمساق الدراسي تكون مكتوبة على دفتر " محاضرات " ومن ثم يقوم " بتنقيل " الطلبة منها خلال المحاضرة وما على هؤلاء سوى الكتابة لما يقوم بسرده المدرس من هذا الدفتر .
كل ما سبق يعني إننا قتلنا روح البحث والتقصي من الطالب الجامعي والتي هي من تخلق الإبداع والإبتكار وتفتح آفاق واسعة من العلم والعلوم والإدراك فيه ...ولتصبح المكتبات الجامعية الضخمة للأسف عبارة عن " ديكور " لا يستخدم وللأسف الشديد إلا من القليل ....!!!!
الطلبة الجامعيين وبخاصة اولئك الذين يدرسون في الكليات الإنسانية ونتيجة للأساليب المتبعة في التدريس يعانون من وقت فراغ طويل جدا جدا فالبعض يقضيه بقصص الغرام والبعض الآخر يقضيه في مراقبة الغمزات والنظرات التي تلقى إلى من تحسب على عائلة أو عشيرة أو مدينة أو مخيم لتبدأ بعدها معارك داحس والغبراء ولتخرج هذه المعارك والغزوات من إطار الجامعة إلى داخل حدود المدن لتحصد الأخضر واليابس ولتمس أجمل ما في الأردن والأردنيين من وحدة وطيب معشر .
لا شك ان هنالك الكثير من الأسباب الأخرى التي تلعب دورا رئيسيا مباشر في أحداث العنف التي باتت تضرب جامعاتنا وصروحنا العلمية المختلفة لا يوجد متسعا لذكرها هنا , ولكن وبما ان الجميع أصبح وفي كل موقعة وغزوة جامعية يتحدث عن العنف الجامعي فلا بد أن نشخص المرض الحقيقي الذي تعانيه جامعاتنا بكل تفاصيله ...ومن هذه التفاصيل ارجو ان لا يسقط من أذهاننا المرض المسمى " وقت الفراغ " من جامعاتنا وأسلوب التدريس النمطي والتقليدي المتبع ..فإن لم يتغير فاعلموا إننا لن نتغير ...بل وللأسف الشديد سيكون مخرجات هذه المنظومة التعليمية جيل فارغ وقنبلة موقوتة في أحضان الدولة والمجتمع ...حمانا الله جميعا .
hamaqaba@gmail.com