ما يدور على ساحة الوطن شيء منظم ، مراده ومبتغاه إثارة الفتن ، إذْ المخططون للفوضى الخلاقه كما سمّوها ، وجدوا في دول الربيع العربي منهجا سهلا للتفرقة والإقتتال، من خلال الطائفية والمذهبية والدكتاتورية الممارسة من الأنظمة الحاكمة ، بقبضة لا هوان فيها ولا ضعف ، ولم يجدوا ذلك بالمملكة الاردنية الهاشمية ، فاتجهوا بشرورهم إلى الجامعات؛ علهم يطلقون منها الشرارة التي توقد النار بالهشيم ، إذْ الملاحظ أنه لا توجد جامعة حكومية أو خاصة إلا وألهبت بها نيران النزاع والشقاق والعنف على غير أسباب ومبررات .
السمة الاردنية التي يعرفها العالم عن هذاالشعب هي الالفة والامن والامان، بإطار من النخوة والشهامة المجبولة بقيم وعادات وتقاليد يندر مثيلها في أي قطر (ولنا الفخر) ، يوم كان الاردن نظيفا ومضيافا ، وقبل أن يتلوث بسموم المندسين الذين طعنوه خلسة ، حين فتح ثغوره و حدوده لكل لاجئ عربي مستغيث و مستجير بطيبة وبراءة و شهامة الاردنيين ، الذين ما نطق لسانهم بعد ذكر الله إلا بـ هلا على الرحب و السعة ، وبلهجة الاجداد التي عادلتها وطأتم سهلا و حللتم أهلا لأنه ما نطقها إلا لسان كريم بريء ، عرف النبل من ثدي أم حنون وأب فارس مضياف .
الاردنيون لا يلهثون وراء المادة ، (لانهم هم أنفسهم درر وكنوز) ولهذا السبب طمع بهم الطامعون ، و الدليل أن أغلى ما يملك الانسان دمه ، فأين سالت دماء الاردنين؟ ألم تكن على كل أرض عربية ، دفاعا و فداء وحفاظا على الهوية ، أليس من الغدر أن يخذل أردن العطاء و يساوم على نقاء عروبته ، و يستغل حالة ضعف أصابته ، يريدون إذلال قوم شرفاء ، ما لانت لهم قناه ولن تلين ،وتلك الايام دول، يوم لك ويوم عليك ، وستزول الغمة بإذن الله ، وسيسجل التاريخ وستقرأ الاجيال ، وسيبقى الاردن منارة عالية ، وشعلة مضيئة تنير الدروب ، ونجما ساطعا يهتدي به كل تائه حيران.
هؤلاء الذين جاءوا الى السفينة الاردنية التي تحمل أهلها دوما الى بر الامان، وأرادوا خرقها لتغرق ، سيغرقون هم بسوء أعمالهم و سوء تدبيرهم ، وستنجو السفينة بحكمة ربانها و قبطانها رغم المتربصين الذين يعتقدون أنهم منتصرون ، القابعون على شاطئ الخيانة ، سدنة الأعداء و عبيدهم .
خاب من ظن أن الحليم لا يغضب ، بل أن غضبه ماحق ، لأنه يغضب لله و للحق و نصرة المظلوم ،وحين يبطش الحليم بالمفسدين ، فلن تبكي عليهم السماء و الارض ، لانها تطهرت منهم و من فسادهم ، و تفرغت لرسالتها تسبح خالقها ، وتطعم عباده الصالحين ، (سماء تمطر وأرض تنبت وعبد شكور يأكل).
لقد آن آوان الحزم ، و الحزم المطلوب هو الدستور و القانون ، فبهما القول الفصل بين الحق و الباطل و العدل و الظلم ، فليس بعد إشهار السلاح و القتل تذرع بصبر و أناة ،فما عسانا نريد من وراء هذا الصمت ، أن تستخدم الاحزمة الناسفة ، السيارات المفخخة ، الاسلحة ذات الفعالية الاقوى ، وأن تسود الوجوه المقنعة الملفعة بالسواد بكل الطرقات ، والاكتفاء بخطابات نارية تذهب حرارتها كما تذهب حرارة الرماد حين تذروه الرياح؟! .
الوطن يستغيث وامعتصماه ، فإن كان المعتصم معروفا وقت ذاك النداء ، فاليوم شريف بني هاشم عبدالله بن الحسين هو المعتصم ، وكل حر أردني شريف هو من جنود المعتصم ، فالبشرى للوطن بالسلامة والخروج من المحن .
حمى الله الاردن وشعبه و مليكه
الدستور