نحو يوم عالمي لمصداقية الصحافة
باتر محمد وردم
04-05-2013 05:50 AM
احتفلت الأوساط الصحافية والإعلامية في الأردن والعالم أمس باليوم العالمي لحرية الصحافة عن طريق المزيد من النداءات لتحسين حريات النشر والتعبير وحماية الصحافيين وعدم تعريضهم للقمع والتضييق الحكومي.
هذه بالطبع كلها أهداف استراتيجية وقيم لا يمكن التنازل عنها، ولكن ربما حان الوقت ايضا لأن يطالب الإعلاميون والمستقبلون للمواد الإعلامية أيضا بيوم عالمي جديد لمصداقية الصحافة.
في يوم حرية الصحافة يجب أن نعرف أن هنالك تباينا كبيرا بين الصحافيين وأنماط عملهم. هنالك من يخاطر بحياته يوميا من أجل تقديم الأخبار والصور والمعلومات الفورية في مناطق النزاع، وقد شهدت الثورة السورية مقتل ما لا يقل عن 70 صحافيا عالميا ومحليا منذ بداية النزاع. في مناطق نزاع أخرى في العالم هنالك نفس المخاطرة وقد حظي الصحافيون المختصون بمتابعة الحروب بسمعة أسطورية في الشجاعة. هنالك ايضا فئة من الصحافيين الاستقصائيين الذي يعملون لأيام وساعات وأحيانا لأشهر طويلة على قصص وتحقيقات من قلب الفساد والمافيا والعصابات والمؤامرات السياسية والاقتصادية ويتعرضون لمخاطر شديدة في عملهم قد تصل حتى إلى مستوى التصفية الجسدية.
في دول العالم الثالث يجاهد الصحافيون من أجل انتزاع المعلومات من المسؤولين لتغطية وتحليل أخبار وتوجهات سياسية واقتصادية واجتماعية تبدو عادية في الظاهر ولكنها تكشف معلومات كثيرة في الباطن، وفي عدة دول في العالم قد يضع الصحافيون مهنهم تحت المحك وهم يتعرضون لقضايا في المحاكم نتيجة تغطيتهم لقضايا واحداث يؤمنون بأنها يجب أن تصل إلى الرأي العام. هنالك صحافيون قد لا يتعرضون للكثير من التحديات ولكنهم ايضا يلتزمون بالحد الأخلاقي المطلوب من المهنية والجدية والنزاهة ولا يجعلون مهنتهم وسيلة للكسب الشخصي وتحقيق المصالح الذاتية.
النسبة الأكبر من الإعلاميين هم اشخاص أصحاب قضية نذروا حياتهم ووقتهم من أجلها، ولكن هنالك نسبة أخرى بدأت تتزايد مؤخرا مع تنامى إنشاء المنابر الإعلامية المختلفة وبأقل المجهودات والموارد والخبرات، وهو إعلام التضليل والكراهية والابتزاز والفساد.
هذا الإعلام بعيد تماما عن المهنية والنزاهة ولا يهدف إلا إلى تحقيق المكاسب الشخصية سواء المالية أو المهنية عن طريق الاتجار بمعاناة الناس وبؤسهم وغضبهم ونشر الأكاذيب والتدليس والقصص غير الموثقة وابتزاز الشخصيات ذات النفود المالي والاقتصادي.
في عصر الإعلام السريع ووسائل الاتصال الإلكتروني التي سهلت إنشاء “المشاريع الإعلامية” وتقنيات الفوتوشوب وغيرها التي اصبحت تتلاعب بالصور بات الكذب الإعلامي في غاية السهولة.
حرية الإعلام هي فقط وجه واحد من العملة، والوجه الآخر الذي ننساه كثيرا ونتجاهله هو مصداقية الإعلام. ربما اصبحنا بحاجة لتخصيص جوائز ومسابقات وتقدير مهني وإعلامي لكافة النماذج الإيجابية في مهنية ومصداقية الإعلام، مع المزيد من الجرأة في كشف المخالفات والتجاوزات المهنية وعدم ترك المواطن وحيدا في مواجهة التعرض للمعلومات والأخبار الكاذبة والتحريضية.
نحتاج إلى يوم عالمي ووطني لمصداقية الصحافة وربما برنامج ومشروع لرصد نوعية الإعلام بحيث يوضح الحدود الفاصلة ما بين الكذب والحقيقة وعدم الاستمرار في تشويه سمعة الإعلام الأردني بممارسات بعيدة تماما عن المهنية والمصداقية.
batirw@yahoo.com
الدستور