مراوحة التلفزيون بين الماضي والحاضر
محمود الريماوي
21-02-2007 02:00 AM
هناك واقع لا يمكن المراء فيه ، وهو أن الإعلام عندنا في الأردن كما في غالبية دول العالم ، بات تعددياً وأن وسائله ووسائطه غدت متعددة . وبالتالي فإن الجمهور أخذ يلتمس أكثر من مصدر واحد داخلي وخارجي ، للتزود بالمعلومة والتحليل والتسلية هناك على سبيل المثال شرائح واسعة من الشباب تجد في الانترنت وإذاعات الإف . إم ، مصدراً رئيساً لها .وهناك لدى شرائح أخرى من يزاوج بين اللجوء الى الصحف والفضائيات .وهناك شريحة اقل ( أضيق) تعتمد التلفزيون الاردني مصدراً شبه وحيد له.ا يقول المرء ذلك بمناسبة الحديث عن دعم الإعلام والتلفزيون خصوصاً . فهذا الدعم مطلوب في سائر الظروف ، مع الأخذ في الاعتبار واقع التعددية المشار اليه . ويسع التلفزيون أن يتقدم ولو نسبياً أو جزئياً ، إذا ما عكس على شاشته ، تعددية في الافكار والآراء ، وإذا ما تحول الى مصدر مهم للمعلومات .. على الأقل المحلية منها ، لا أن تتقدم عليه في هذا المجال محطات تلفزة خارجية . والمسألة بحاجة الى ما يشبه قراراً سياسياً ، بذلك بحيث يتاح لهذا الجهاز الوطني العريق فرصة المنافسة الجدية ، وذلك بإطلاق قدراته بأقل قدر من البيروقراطية ، سواء بتمكينه من التزود بالأخبار دون قيود لا مبرر لها ،أو بالارتقاء بأدائه المهني الخاص به .
ولا يتعلق الامر فقط بالاخبار والبرامج السياسية ، بل بغير ذلك . بالعودة الى دعم الدراما الاردنية ، وهي مسالة تؤرق العاملين في هذا الحقل منذ أكثر من عشر سنوات ، وهناك بين الفنانين من فارق الحياة في السنوات الأخيرة ، دون أن يحقق بعضاً من حلمه في عودة الدعم للمسلسل الأردني ، مع تطويره ومواكبة ما بلغته الدراما الخليجية والسورية . كذلك الحال فيما يتعلق بدعم الأغنية واستعادة الدور الذي نهض به التلفزيون بجدارة قبل أكثر من أربعة عقود ، رغم شح الإمكانات المالية آنذاك . لقد بلغ الأمر أن بعض الفنانين العرب كان يتم إطلاقهم عبر التلفزيون ، مطربة سورية 00طروب )عُرفت في الأردن وعبر التلفزيون الأردني قبل موطنها سوريا ، وكذلك الأمر مع المطربة اللبنانية سميرة توفيق . فهل يعجز من يعنيهم الأمر عن تخصيص قناة للأغاني الاردنية ، كما هو الحال مع ما لا يحصى، من محطات خاصة بالأغنية الخليجية مثلاً .؟ .
يتعذر على مختلف وسائل الإعلام بما فيها التلفزيون ، أن تتطور وتجتذب الجمهور اليها ، إذا ظلت محكومة بنسق بيروقراطي ثقيل وبطيء يجافي طبيعة هذه المهنة ، وإذا ما تمت الإقامة على عادات قديمة ، مثل التقليل من شأن المبادرات الذاتية للمبدعين كل في مجاله ، وعدم أخذ عامل الوقت والسرعة في الاعتبار ، وإذا لم يتم التنبه الى واقع التنافس المتزايد . فالناس لا تقبل على وسيلة إعلامية ما بحكم الواجب ، بل بناء على الرغبة الحرة للمشاهدين والمستمعين ، وبعد عقد مقارنات بحكم الخبرة والتجربة ، بين خيارات وفيرة متاحة تكاد تكون بلا حصر هذه الأيام ! .
لقد حقق التلفزيون الأردني نقلة في عدد من البرامج منها الإخبارية ، حيث بات بعضها مثل برنامج يحدث اليوم يجذب المشاهد ، والحاصل أن بعض برامجه تنتمي لمرحلة قديمة وبعضها الآخر يواكب زمننا . ويبدو أن البلد بحاجة الى محطات تلفزيونية محلية منافسة ، من أجل أن يتوقف التلفزيون عن المراوحة بين الماضي والحاضر .
mdrimawi@yahoo.com