فيما فشلت القوات البريطانية من دخول شرقي الاردن والاستقرار فيه مرتين ، تمكنت قوات الثورة العربية الكبرى من السيطرة على معظمها ، والحقت الهزيمة بالاتراك مما مهد الطريق لتقدم القوات البريطانية .
وفيما كانت قوات الثورة تدخل درعا ثم دمشق لم تتمكن القوات البريطانية من القضاء على القوات العثمانية في فلسطين والتي انسحبت الى شرقي الاردن بكاملها .
وقد اتخذ الاتراك جملة من التدابير على سكان شرقي الاردن ابان الحرب ، فبالاضافة التى التجنيد في قضاء عجلون وتقطيع الاشجار والاستيلاء على المحاصيل ، فانهم عاملوا الاهلين بمنتهى القسوة ، وفرضوا على البلاد حكما عسكريا صارما ، كما نفى الاتراك عددا من وجهاء الكرك ومادبا ومعان منهم ؛ عوده القسوس وخليل وعبد الله العكشة ويعقوب الشويحات وابراهيم جميعان وابراهيم الطوال ويوسف معايعة وسليم مرار وعبد الرحمن ماضي واحمد ماضي ومحمد عبد الجواد ، فقد نفى الاتراك هؤلاء الاردنيين الى مدينة حماة ، بتهمة الاتصال بجيش الامير فيصل .
وقد قسم الاحتلال الاجنبي البريطاني والفرنسي البلاد العربية بموجب اتفاقية سايكس بيكو الى ثلاث مناطق عسكرية تحت الحماية البريطانية والفرنسية ، واثناء الحرب ايضا اصدر الانجليز وعد بلفور في 2 تشرين الثاني عام 1917 ، قطعت فيه بريطانيا على نفسها وعدا بانشاء وطن قومي لليهود في فلسطين . رغم ان المعاهدة السرية بين بريطانيا وفرنسا وروسيا نصت على ان تخضع فلسطين بعد الحرب لادارة دولية بالنظر لمركزها الديني العالمي ، ولكن سقوك الحكم القيصري في روسيا نتيجة الثورة الشيوعية اتاح لبريطانيا فرصة اصدار الوعد الجائر الذي يشكل خديعة ونكثا للوعود التي قطعها الانجليز للشريف حسين باستقلال البلاد العربية .
وبناء على ما تقدم شكل الامير فيصل بن الحسين حكومة عسكرية في دمشق في 5 تشرين الاول 1918 باسم والده الشريف الحسين ، وعهد برئاسة الحكومة للفريق رضا باشا الركابي كحاكم عسكري عام .
وقد اصبحت سورية الداخلية وشرقي الاردن حسب ادارة ما اسماه الحلفاء " ادارة بلاد العدو المحتلة " من نصيب الامير فيصل ليديرها ، اما فلسطين فاصبحت تحت الادارة البريطانية فيما اصبحت لبنان والساحل السوري كله تحت ادارة الفرنسيين ، وقد بقيت في شرقي الاردن قوات انجليزية واسترالية وقوات عربية وفرسان من الهنود ، ظلوا في البلاد الى ان انسحب الجيش البريطاني من المناطق المحتلة في 9 كانون الاول عام 1919 .
وقد اصبحت شرقي الاردن تخضع لادارة الامير فيصل ، وتتبع لدمشق ، وقد اضطلع جعفر باشا العسكري بادارة المنطقة العسكرية الممتدة من البلقاء شمالا الى تبوك جنوبا ، كما تولى رشيد المدفعي قيادة الفرقة الثانية واتخذ مقر قيادته في عمان ، وعين في المقاطعات حكاما عسكريين ، واقام في الكرك فترة من الزمن بعد تحريرها الشريف علي بن عريد وكان يوقع رسائله باسم " امير الكرك " ، وقد عين من قبل الامير فيصل القائد عبد الله الدليمي حاكما عسكريا ومتصرفا للواء الكرك ، وخلفه القائد زكي الحلبي ثم رؤوف الايوبي كمتصرف للواء الكرك ، واستعانت حكومة الامير فيصل بالاهلين ، فعينت رفيفان المجالية مديرا للامن الخارجي وحسين الطراونة مديرا للامن الداخلي ، وعينت مديرا لناحية ذيبان والشوبك من الاهلين .
وبقي في شرقي الاردن لواء عسكري بقيادة القائمقام عبد اللطيف نوري ، وتمركزت كتيبة من هذا اللواء في الكرك.
وقد قسمت سورية الى ثمانية الوية ، شملت ثلاثة في شرقي الاردن هي لواء الكرك ويتبعه اقضية الطفيلة ومعان والعقبة ونواحي الشوبك والعراق وذيبان وتبوك .
ولواء البلقاء ومركزه السلط ويتبعه قضاء الجيزة وعمان وناحية مادبا .
ولؤاء حوران ومركزه درعا وتتبعه اقضية ازرع والمسمية وبصرى الشام وعجلون وجرش.
وفي 7 حزيران 1919 كان قد افتتح المؤتمر السوري ومثل شرقي الاردن فيه عشرة مندوبين .
وفي ايلول 1919 عقد رؤساء حكومات بريطانيا وفرنسا مساومات بين الطرفين لتعديل سايكس بيكو وذلك بعد انسحاب روسيا من مسرح الاحداث ، فاتفقا على جلاء القوات البريطانية عن سورية واستبدالها بقوات فرنسية ، وتطلق يد بريطانيا في فلسطين ، وتبقى شرقي الاردن تحت الاحتلال البريطاني ، وبهذا تخلت بريطانيا عن حلفائها العرب نهائيا .
الى اللقاء في الحلقة القادمة من صفحة من تاريخ الاردن .