تمويل الدعم النقدي .. ضبابية تلف المبلغ الحقيقي المنفق
28-04-2013 02:30 AM
** الدعم النقدي ترافق مع انخفاض انفاق الحكومة على المساعدات الاجتماعية ب 120 مليون دينار.
** تناقض ملفت في البيانات الرسمية و مناقلات بين بنود الانفاق العام في نشرة مالية الحكومة.
** بعد اعلان مصدر حكومي ان مبالغ الدعم النقدي ستظهر في بيانات 2013، تعود مصاريف الدعم للظهور في بيانات تشرين ثاني 2012 و ذلك بتضمينها في بند المساعدات الاجتماعية.
** 95 مليون صرفت في 12 يوما من شهر تشرين ثاني مقابل اقل من نصف المبلغ ل 18 يوما من شهر نيسان !
عمون - المحلل الاقتصادي عبد المنعم عاكف الزعبي - بالحساب الرياضي البسيط، يخلص المتمعن في بيانات وزارة المالية الى ان الدعم النقدي للمستحقين لم يمول مما كانت تنفقه الحكومة سابقا من دعم عشوائي للمحروقات بواقع 800 مليون دينار سنويا.
بل ان تمحيص ذات البيانات يثبت ما هو ابلغ و اخطر، و هو ان تمويل الدعم النقدي المقدر ب 107 مليون دينار قد جاء من خلال تخفيض مقابل لمبالغ المساعدات الاجتماعية المدفوعة للطبقات الفقيرة و المعدمة.
فبينما ارتفع بند الدعم النقدي ب 107 مليون دينار في 2012، انخفضت المساعدات الاجتماعية للطبقات الفقيرة من 335 مليون دينار في 2011 الى 205 مليون دينار العام الماضي.
و بمعنى ان ما صرفته الحكومة من دعم نقدي قد اقتطع من مخصصات الفقراء، ليتم دفعه لهم بصيعة اخرى، هي الدعم النقدي للمستحقين.
بالمحصلة، لم تحصل الطبقات الفقيرة على اي دعم نقدي مقابل ارتفاع اسعار المحروقات و ما اعقب ذلك من موجة تضخمية و صلت الى 7.4 بالمئة و يتوقع ان تلامس مستوى ال 10 بالمئة مع نهاية العام.
ذلك ان انفاق ما يعادل 100 مليون دينار على شكل دعم نقدي للمستحقين، قد جاء بالترافق مع انخفاض اكبر في بند المساعدة الاجتماعية و بواقع 120 مليون دينار بالمقارنة مع العام 2011.
النتيجة السابقة جاءت بعد تخبط في البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة المالية بخصوص المبلغ الحقيقي المنفق على دعم المستحقين.
فالعودة الى نشرة وزارة المالية للعام 2012 تظهر ان الدعم النقدي لم يتجاوز 15 مليون دينار، و هو ما تم التطرق له في تحليل اقتصادي على صفحات "العرب اليوم" قبل 3 اسابيع.
في اعقاب ذلك، جاء الرد الرسمي مقتضبا بان عدم وجود بند مخصص للدعم النقدي سيؤجل ظهور مصاريف المرحلة الاولى من الدعم الى بيانات الانفاق العام في 2013.
بيد ان بيانات 2013 جاءت ايضا خالية من اي ظهور لمصاريف الدعم النقدي و التي اعلن وزير المالية السابق تجاوزها لمبلغ 100 مليون دينار.
بالمقابل، و بشكل مفاجئ ، تم اجراء مناقلات في نشرة مالية الحكومة بين بنود الانفاق العام لشهر تشرين ثاني 2012، ليجري نقل مبلغ 95 مليون دينار من المساعدات الاجتماعية الى بند شبكة الامان الاجتماعي المخصص لمصاريف الدعم النقدي بحسب موازنات الاعوام 2012 و 2013.
تأتي هذه المناقلات المفاجئة مع مفارقات اخرى عززت من مخاوف فشل الية الدعم النقدي في مهمتها الوصول الى النسبة العظمى من المستحقين.
فبينما شهدت ال 12 يوم الاولى من موعد دفعة الدعم النقدي في تشرين ثاني 2012 صرف 95 مليون دينار، لم يتجاوز المبلغ المنفق لذات الغاية في شهر نيسان 2013 نصف هذا المبلغ.
كما ان مجموعة من التقارير الصحفية اظهرت في مناسبات عدة وجود كم كبير من الاعتراضات الناجمة عن عدم حصول المستحقين على مبالغ الدعم المخصصة لهم.
و حتى لو تم الافتراض بان ما حصل مع وزارة المالية مجرد خطأ محاسبي تم تصحيحه، فان السؤال الابرز يبقى موجها نحو سبب تمويل الدعم النقدي من مخصصات المساعدة الاجتماعية بدلا من ان ينجم عما كان ينفق سابقا على دعم المحروقات.
ذلك ان تمويل الدعم النقدي من جيوب محتاجي المساعدة الاجتماعية يحمل في ثناياه جملة من المحاذير الاقتصادية و الاجتماعية.
فمن جهة، يعني ذلك تراجع حجم الاعانات الاجتماعية للفقراء في ظرف اقتصادي هو الاصعب من عشرات السنوات.
و من جهة اخرى، يؤثر عدم تمويل الدعم النقدي من الدعم العشوائي المنفق سابقا على نسب النمو الاقتصادي و بالتالي على قدرة الحكومة تعزيز ايراداتها من دون اللجوء الى فرض المزيد من الضرائب.
اجتماعيا، ستعاني الطبقتان الوسطى و الفقيرة هذا العام من تأكل حقيقي في الدخل خاصة مع رفع تعرفة الكهرباء و نمو التضخم و فرض قانون ضريبة الدخل الجديد بما يشمله من تخفيض لسقف الاعفاءات و رفع لمعدلات الضريبة.
يأتي بالإضافة الا ما تم سرده من عوامل ضاغطة، موضوع اللجوء السوري بما اضحي يشكله من ضغط على الخدمات الحكومية و مستويات الاسعار و مستويات الاجور في سوق العمل.
من هذا المنطلق يأتي الحرص على متابعة قضية الدعم النقدي من حيث المبلغ المنفق و سبل التمويل، لا للاصطياد و ابراز الاخطاء، بل من اجل تعديل الالية المتبعة و تفعيلها ان كانت بحاجة الى ذلك.
فوصول الدعم الى المستحقين و الحفاظ على مستوى الاعانات الاجتماعية عوامل رئيسية و صمام امان لعبور المرحلة.