في زمن الغضب العربي على اميركا و ( أخواتها ) .. تحدثت صحيفة محلية عن ثلاث سيدات اميركيات متزوجات من اردنيين اسسن جمعية عام 1983 بعد مذبحة صبرا وشاتيلا ليقلن : «لا» للسياسة الاميركية ( الغبية ) في الشرق الاوسط ؟ وفهمت من اللقاء ان هدف هؤلاء السيدات من انشاء هذه الجمعية «جمعية بصيرة» هو لردم الهوة بين الشعوب بين الشرق والغرب ومن خلال استضافة صحفيين واكاديميين عربا واجانب للتحدث معهم عن السياسات الخاطئة للادارات الاميركية في الشرق الاوسط والتي قادت الويلات على شعوبها خاصة في فلسطين و العراق و قبلها في تونس و الجزائر و المغرب و عدن و غيرها .

وهؤلاء النسوة الاجنبيات المتزوجات من اردنيين يقلن : " لا يمكن ان نشعر مع الناس الا اذا عشنا معهم ، لذا كنا نخرج في المسيرات المناصرة للعراق وفلسطين و لبنان أثناء العدوان الصهيوني المتكرر عليها و غيرها .., و هذا كان يناقض سياسات حكومات بلادنا " الاصيلة " للولايات المتحدة وبريطانيا و فرنسا و غيرها من الدول الإستعمارية .

ومن هؤلاء النساء الاجنبيات البارزات البريطانية الأصل ( باتريشا سلطي ) زوجة الشهيد الطيار موفق السلطي الذي استشهد في معركة السموع قبل عام 1966، و رفضت اعتذاراً من السفير الإسرائيلي بعمان قائلة له : " أنتم أعدائنا الى الأبد أخرجوا من فلسطين بلادي ..! " .. وكذلك السيدة آني صوالحة وكارين عصفور وماريان كاماندريان واخريات .

هؤلاء السيدات الاجنبيات يُذكرنني بأحاديث الاشادة من المرحومين والدي و والدتي و كبار السن في بلدتي «الولجة» غربي القدس بفلسطين المحتلة العام 1948 ، لسيدة من بلدان اميركا اللاتينية لعلها التشيلي تزوجها احد ابناء البلدة هناك وجاء بها لتعيش في هذه البلدة الصغيرة في اوائل الثلاثينيات فأحبت أهلها واحبوها كذلك فقد علمتهم «الست خوليا» كما كانوا ينادونها حرفة الخياطة للرجال قبل النساء، وحرفة القصارة «الحقة» وعلى اصولها للبيوت، وهي اول من ادخلت «مدفأة البواري» الى البلدة بدلا من الكوانين التي كانت توسخ المنازل وأهلها معا .. لقد استغنى اهل «الولجة» ، عن خياطين وقصارين في القدس فخففت عنهم عناء السفر على الرغم من قربها الى هذه المدينة حيث كان السفر على الدواب في الغالب و الموسورن بالقطار أو السيارة .

و مع أن أهالي بلدتي " الولجة " كانوا لا يردون لها طلباً مهما اختلفت عشائرهم و حمائلهم في اي أمر إلا أنهم لم يصغوا لها سمعاً عندما نصحتهم بعدم الرحيل و قوات الهاغانا و البلماخ اليهودية تقترب من قريتهم و هي تهاجمها بجميع أنواع الأسلحة قائلة لهم : ( الى أين انتم ذاهبون لبلاد و ارض لا تعرفونها , لا تغادروا بلدتكم و ليست أول بلدة تُحتل في العالم , كثير من البلدان احتلت و بقي أهلها , ادفنوا سلاحكم و اخرجوه لتقاتلوا به في وقت الحاجة اليه و من يريد القتال عليه الإلتحاق بالثوار في قرى و بلدات اخرى القدس مهددة اذهبوا و دافعوا عنها , لم يصغو اليها حملوا اطفالهم الى قرى حول قريتهم ثم الى بلدات و مدن اخرى ثم الى الشتات في بلاد عربية و اجنبية و على مدار 65 عاماً ...!!

ووفاء لهذه السيدة الاجنبية كان اهل البلدة اذا زاروا عمان لا بد ان يزوروا «الست خوليا» بعد النكبة الفلسطينية التي عاشت ما تبقى من حياتها في هذه المدينة وماتت فيها حيث شارك في جنازتها المهيبة اهالي " الولجة " جميعا وكذلك القرى المجاورة بجيع حمائلهم و عشائرهم و ليرحمها الله و حبذا لو أبائنا اصغوا الى نصائحها ..

Odeha_odeha@yahoo.com