هل يدرسون فعلا؟وهل هم شغوفون بحب العلم ، وبالتنقيب وبروح البحث العلمي؟هل يقوم الأساتذة الجامعيون بواجبهم خير قيام لتخريج طلاب كفوئين يركن إليهم،ومتمكنون من المواد التي تخصصوا فيها؟هل هم قادرون على الوصول إلى الحقيقة قدر الإمكان،من خلال تنمية العقل النقدي لديهم ،أم انهم يسلمون إنقيادهم لأي كان بسبب عجزهم الفكري وتقصيرهم العلمي الذي يمنعهم من إظهار قدراتهم وإمكانياتهم ،لأنهم لم يتعبوا على انفسهم ،وقضوا أيام الدراسة الجامعية يتسكعون في ممرات وساحات جامعاتهم التي ما تزال تحرص على حصر الغياب والحضور ولا تولي البحث العلمي أي إهتمام،لأن الدولة أصلا لا تولي البحث العلمي أي إهتمام ،لكنها في أمور اخرى تنفق حد الإسراف؟
الجواب القطعي بعد المشاهدة المكثفة لا ؟!وهنا تكمن الكارثة التي يتحمل مسؤوليتها الدولة والحكومة والشعب ،لأن كل طرف من هذه الأطراف مسؤول، فهناك ولاة الأمور وأصحاب الولاية،لكنه وعلى ما يبدو فإن هناك تحالفا خفيا ، يهدف لتجهيل أبنائنا حتى يخرجوا إلى الحياة دون سلاح، فيضيع البشر كما ضاعت الأرض والمقدسات والمقدرات وما نزال نهتف يحيا الوطن.
قبل أيام شرفت بحضور مؤتمر دولي عن "الربيع العربي "والتحولات التي تشهدها المنطقة، نظمته كلية الدراسات والعلوم السياسية في الجامعة الأردنية بالتعاون مع كلية دراسات الشرق الأوسط المعاصرة في جامعة جنوب الدانمارك ،في الجامعة الأردنية ،وحضره ثلة من الخبراء والباحثين الأردنيين والغربيين الذين قدموا اوراقا بحثية مهمة بعضها يستحق النقاش إلى درجة العصف الذهني.
لكن القاعة كانت خالية من الطلبة الأردنيين، خاصة وأنهم المضيفين وكان يجدر بهم التواجد المكثف وإغناء المناقشات بالصوت والرأي الأردني حول مجريات الأمور ،فلم يحضر إلا مجموعة قليلة ربما يمكن عدها على أصابع اليدين ،بينما كانت الممرات والساحات تعج بالطلبة من كلا الجنسين .
الغريب في الأمر أن عميد كلية الدراسات والعلوم السياسية في الجامعة الأردنية البروفيسور زيد عيادات ،حاول مع أساتذة كليته حث طلبتهم على حضور المناقشات والجلسات والمشاركة في إبداء الرأي، كون هذا الموضوع يعد درسا تطبيقيا لهم، ولم لا فهم طلبة يدرسون العلوم السياسية ،وكان رد الأساتذة أن طلبتهم لم يستجيبوا للنداءات الموجهة إليهم؟!
أثناء خروجي من المدرج الذي شهد الجلسات، سمعت طالبة تقول لزميلتها أنها ستغادر ولن تعود،فتدخلت محتجا ولكم برفق على مقاطعة طلبة العلوم السياسية لمثل هذه الفعالية الدولية، التي جلبت لنا ثلة من الباحثين والخبراء السياسيين من أوروبا وأمريكا.
كان رد الطالبة موجعا ،فقد قالت أن الباحثين الغربيين "يأتون فينا..وإن رددنا عليهم فسيردون علينا" ؟! فقلت لها أن هذا المؤتمر هو تطبيق عملي لكم وهو يغني عن السفر إلى الخارج وتكبد وعثاء السفر،وأن المشاركة فيه تغني العقل والفكرمعا، وتساعد الأستاذ،وتوفر الوقت والجهد إن كنا حقا نريد أن نتخرج واعين .
ما أثارني مجددا هو ان المحاضر الغربي،الذي يكون غالبا مجندا في مخابرات بلده،عندما يرى الطلبة العرب غير مهتمين بمجريات الأمور في بلادهم ، سيفرغ ما في جعبته دون خوف أو وجل ، ويسجل أنه ثبت نظريته في الوطن العربي، دون ان يعترض عليه أحد،أما في حال كان الشباب العرب واعين لما يسمعون ،ويناقشون بكل الجرأة المعهودة ،فإنه سيعد للمليون قبل التجني على الحقيقة،ويعود حاملا رسالة مفادها أن الشباب العرب بات مسلحا بالوعي فإحذروا التجني أيها الغربيون،وبطبيعة الحال سيبلغ معلميه بضرورة تغيير السياسات ما يؤدي إلى الإرباك.
يشكو أساتذة الجامعات من عدم قيام طلبتهم بالمشاركة في أي نشاطات لا منهجية مطلوبة وداعمة لهم رغم الإغراءات التي يقدمونها لهم،خاصة وأن النشاط يقابله خمس علامات زيادة،لكننا نرى واقع حال مزر ،حيث التصرفات غير المنهجية والإصطفافات العشائرية التي يستخدم فيها الرصاص والسلاح الأبيض،وكأننا لسنا في صرح علمي تعليمي يهدف إلى غسل العقول والقلوب معا.
ما نراه في جامعاتنا العربية عموما هو عرض ازياء وتكريس للطبقية،وإعطاء صورة سلبية عن المجتمع،فمن المسؤول؟
المسؤولية الرئيسية التي لا جدال فيها تقع على الدولة التي وضعت القوانين الجائرة،بحق المعلم في المدرسة أولا،والأب في البيت تحت غطاء حق الطفولة أو ماشابه،لتضمن تخريج أفواج جهلة أميين –إلأ من رحم ربي بطبيعة الحال ،فهناك طلبة وطالبات نفتخر بهم ولكنهم قلة قليلة ونحن نريد الكثرة الكاثرة- يصطفون طوابير بطالة وعاطلين ونطبق شروط الغرب مقابل دعم لا ندري أين يذهب ويهدف إلى فقدان السيطرة على اجيالنا.
السبب الرئيس الآخر الذي أوصل طلابنا إلى ما هم عليه ،هو منعهم من المشاركة الحزبية التي تدخل الوعي إلى عقولهم ،فلو كانت هناك احزاب سياسية مسموح بها في الجامعة لرأينا نماذج اخرى من الطلبة والطالبات يسابقون الوعي للوصول إلى الحقيقة؟!
هل اعتب على طلبة الجامعات فقط؟وأنا لم أر صحفيا واحدا كلف نفسه عناء القدوم إلى الجامعة الأردنية لتغطية هذا المؤتمر، مع أن الدعوات وجهت لكافة وسائل الإعلام الأردنية؟فإن لم يكن الهدف للتغطية فللإطلاع على ما في جعبة هؤلاء الخبراء الذين جاؤوا ليخبروناعما يحدث عندنا ويمرروا بعض أفكارهم بطبيعة الحال.