الأزمة السورية .. وبعدين!
أ.د عمر الحضرمي
27-04-2013 06:47 AM
منذ أكثر من سنتين، والمعارك الشرسة تطحن كل أجزاء الدولة السورية، جيش كبير يحمي النظام السياسي هناك، في مواجهة معارضة متشعبة التكوين والأهداف ومصادر التموين. الطرفان يقصفان بعضهما بعضاً دون هوادة، ويتبادلان اتهامات، تصل في حدها الأدنى، إلى مستوى التخوين وقتل المواطنين وتشريدهم وهدم مساكنهم. كل ذلك والمبادرات من هنا وهناك تتوالى، يكاد جُلّها، إن لم يكن كُلّها، يتحدث عن نوايا وقف عنف ضحيته الأطفال والنساء والشيوخ والممتلكات، وأخطر من ذلك ما تولّد من فقدان للأمن والأمان.
والغريب أن تتدحرج من قبل كل طرف، مبادرات لحلول سياسية هي غير قابلة، أصلاً، للتنفيذ، لأنها تبتدأ طروحاتها برفض الآخر. فالنظام يخوّن المعارضة ويتهم أجزاء كثيرة منها باللجوء إلى «القاعدة» أو ما يطلق عليه اسم «المرتزقة» التي تنفذ أجندات خارجية؛ إقليمية ودوليّة. والمعارضة، من جانبها، تصف النظام بأنه «مجرم» يسعى إلى المحافظة على مكتسباته.
والأدهى والأمّر أن كلاً منهما راح يتنبأ بسقوط الآخر خلال فترة زمنية لا تتجاوز، حسب تقديراته، الأسابيع بل والأيام. وبالرغم من ذلك كلّه فلا تزال المعارك تدور في كل مفترق درب.
الجامعة العربية، من جانبها، تُبدي تعاطفها مع المعارضة إلى حد أنها سلمتها مقعد «الدولة» السورية، في الوقت الذي راح النظام يتهم الجامعة بأنها أصبحت ألعوبة في يد بعض القوى العربية الموجهة من قبل الدول العظمى، صاحبة المصالح المتعارضة مع المصالح القوميّة للأمّة.
النظام السياسي يصف نفسه بأنه الخندق المتقدم والمتبقي للممانعة العربية، والمعارضة تقول إن النظام هو عميل لإيران، ولعبة في يد الصين وروسيا اللتين ترغبان في الإطاحة برأس النظام الدولي الجديد الذي تحتله الولايات المتحدة الأميركية ومن ورائها دول أوروبا؛ إذ تسعى بكين وموسكو إلى احتلال مناصب عليا في المجتمع الدولي، في الوقت الذي اندفعت فيه بعض المؤسسات الدولية، وعلى رأسها الجامعة العربية، إلى البحث عن مخرج، فكانت بعثات التحقيق العربية ثم الغربية من مثل الدابي ومور وعنان والإبراهيمي وبنيرو والحبل على الجرار.
إلا أن كل ذلك قد فشل في وضع خارطة طريق تُخرج سوريا من المأزق. وتوالت المحاولات غير أنها لم تنجح في حل الأزمة، وهنا عادت الاتهامات المتبادلة بين النظام والمعارضة تبرز إلى الساحة ثانية، والخاسر الوحيد، بعد أن عجز الحل العسكري عن تحقيق النصر لأحد الطرفين، هو الشعب السوري بأرواحه وممتلكاته.
وهنا نقف حائرين أمام كيفية الخروج من هذا الأتون الدموي المرعب، وذلك بعد أن أصبح كل مواطن سوري هو مشروع قتيل. وبدأ العرب وسكان العالم يتساءلون، وهم يضعون أيديهم على قلوبهم، الأزمة السورية... وبعدين؟! متناسين أن الأطراف كلها، التي تدّعي أنها تسعى للحل، هي التي تسعى جاهدة للوقوف أمام الحل، وتشجع بقاء النزاع على أشدّه حتى ينهك الطرفان وينتهيا، وبالتالي تسقط سوريا.
الرأي