facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحنين إلى الاب بعد ربع قرن من رحيل موجع .. *عبدالمهدي القطامين

25-04-2013 08:56 PM

ربع قرن مضت وها أنا اليوم كما كل يوم أحن اليك ....أحن الى هيبتك وطلتك البهية وجسدك النحيل الذي كان مقبلاً على الحياة الدنيا والآخرة ، ووقع خطاك في صباحات التشارين في الفجر تنسّل على غفلة من الدار التي نسكنها وتسعى إلى المسجد البعيد وصوت عصاك تردد رجعها تلك الأرض المُخصبة بمطر السماء الذي كان لا يغيب ، وبنهم يديك النحيلتين للعمل .

ترى ما الذي فعلته بي يا عطالله ابن عباس يا أبن ذهبية إبنة غنايم ، وها أنا اطوي عامي الخمسين ، وربع قرن بيني وبينك ما زالت تفصلنا عن بعض.... ربع قرن لم أرى وجهك السمح مرة واحدة ، ولم أسمع صوت العصى وهي تدب في رحلة البحث عن أجر في مسجد بعيد.

كلما التقيت من عرفك بادرني بالقول : رحم الله والدك كان من أهل الله ، وشهدت "العين البيضاء " باكملها لمؤسسها الذي هو أنت إنك من أهل المساجد وروادها حتى إذا غبت يوما عن صلاة الفجر لطاريء صحي تساءل المصلون باستنكار وخوف : اين " أبا علي" لم نره اليوم .

آه يا والدي كم هي متعبةٌ هذه الرحلة ، رحلة الحياة ، وكم بت وانا أنُهي عامي الخمسين أتوق إلى لحظة سكينة وإيمان ليس فيها زيف ولا مراءاة ولا تزلّف .

آه يا والدي الراحل قبل ربع قرن ، كم بتّ أشتاق للاختباء في فروتك التي صنعتها من جلد شياهنا التي كانت هي مصدر دخلنا ، وحين كان البرد يأخذ من جسدي مأخذه كنت بشغف كبير تفتح أطراف فروتك الدافئة وتشير اليّ أن إقبل إلى الدفء ، وكانت ندف الثلج تهمي على مهل تداعب شباك نافذتنا الوحيدة على العالم آنذاك وكان دفئا ما زلت يا والدي بعد ربع قرن أفتقده .

سلام عليك يا والدي حيثما كانت روحك ترفرف الان في ملكوت الله .... سلام على لحيتك البيضاء وعينيك الخضراويتين اللتين ورثتهما عن أمك "ذهبية " القادمة من فلسطين إلى الطفيلة في نهايات القرن التاسع عشر كان أسمها "ذهبية" وكانت هي ذاتها ذهبية الوجه والشعر بهية الطلة شقراء فاتنة فُتن بها القوم ولم يفز بقلبها آنذاك سوى فارس العشيرة وموقد نيرانها والدك "عباس" إذ أصبحت حليلة له .

ما زلت أذكر حتى هذه اللحظة جلستنا تحت ظل شجرة التين.... كان الزمن تشرين الثاني من عام 1982 وكنت قد حزمت حقائبي مستعداً للرحيل إلى بغداد _أُم الدنيا وكانت تكتوي بأتون حربها على بوابة المشرق العربي _ طالبا للعلم وسط خوفك الشديد عليّ وأنا اصغر الاخوة وآخر العنقود راحت عيناك تتأملان وجهي الغض الذي لم تغزوه بعد مرارة الكون وبؤس الحياة ومعركتها قلت : ولدي ساوصيك الآن فقد أصبحت رجلاً، وستسافر إلى بلاد بعيدة ، أوصيك بأمور ثلاثة وأجعل كلامي في قلبك لا تدعه يمر مرور الكرام : إياك وترك الصلاة ، وإياك والنساء فهن ملاذ الشيطان ، وإياك والاحزاب ، تذكّر أنك عائد الى هنا وان مستقبلك هنا في هذه الأرض التي ترى ..... ومضيت مثقلاً بُخذلاني لك يا والدي ، فلم أُصل الا قليلا وشغفت بالأحزاب، وحدهنّ النساء أبتعدت عنهّن ... وتركتُ القلب مسرحاً مفتوحاً على كل الإحتمالات .
في عام 84 ترافقنا سوية أنت وأنا والوالدة الصابرة التي أتعبها الدهر الآن ولم تُعد تقوى على الحراك وكانت بغداد مقصدنا لنلتقي إبنك الأكبر الذي حرمته السياسة عقوداً من أن يرى وجهك فكان يبعث رسائله من "مانيلا " قائلا في أحداها : البارحة رأيت بنات نعش في السماء فقلت لها أن تسلم على والدي فهل وصل السلام ؟؟؟ لقد وصل يا "علي " قبل ان تسأل عن وصوله وقد همست بنات نعش للحاج "عطالله " إن إبنك البكر يسلم عليك بينما كان يتوكأ على عصاه ويمشي نحو المسجد الكبير الذي ظل دائما على موعد مع خيرات مزرعته عقب صلاة كل جمعة يتناول المصلون فيها مما جادت به الأرض من مشمش وتفاح وعنب ...حتى هذه السّنة الحميدة قطعناها يا والدي بعد رحيلك بعد أن جفّت الأرض وماتت شجرات العنب ولم تُعد الغيوم تمرّ على مرزعتنا الإ لماما ، فتخيّل ايُها الراحل كم نحنُ اشقياء ؟؟؟؟؟
هو ربع قرن إيها الراحلُ في ذاتي ....وما زلت أحن اليك ... فما الذي فعلته بي أيها الرجل الذي علّمني معنى الحياة ؟؟؟؟كان السادس والعشرين من نيسان قبل ربع قرن يوما حزيناً لي ، فقد جاء الهاتف من قيادة الفرقة التي أعمل فيها مكلفا عسكريا ليخبرني أن أذهب الى أهلي في إجازة، وكنت أعرف حتى لو لم يفصح الهاتف أننا لن نلتقي بعد ذلك اليوم ، فقبل أن أعود من اجازتي أدخلت أنت الى المشفى... وكان القلب يشكي الكثير من العناء والتعب .... فصمتَ على حين غرّة ، شيعناك على الاكتاف ، كنت خفيف الظل تماماً كما كنت وأنت حي.... وإذ إفتقد أصحابك في المسجد جلستك الأثيرة أمام المنبرفي الصف الأمامي، كان لسان حالهم يقول : لقد مات عطالله .





  • 1 علي القطامين 28-04-2013 | 05:03 PM

    اخي الحبيب عبدالمهدي
    عليك سلام الله مني تحية ومن كل غيث صادق البرق والرعد
    اخذتني بعيدا بعيدا فيما كتبت أعلاه في ذكرى والدنا الراحل طيب الله ثراه
    كما قرأت تعليقات الاخوة والاحفاد والاصدقاء ومما شحن اهتمامي وأثار شجوني ليس فقط رحيل والدنا قبل ربع قرن بل وصيته لك عندما غادرت البلاد للدراسة في بغداد حيث اوصاك بالابتعاد عن الاحزاب ولم يعلم ذلك الطيب و كأنه قال لك ( خش فيها ) لقد قالها لي ايها الحبيب عندما كنت في الأول الإعدادي في نيسان عام 1958 والسبب انني في تلك السنة دخلت منظومة الحياة الحزبية وحلق بشكل صارخ مع مفهوم الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة ورسخت قضية فلسطين وقضية الجزائر في الضمير والوجدان ولازالت عالقة بفكري وعقلي حتى انتهاء الأجل ..
    لا زلت اذكر في تلك السنة اي 58 عندما ذهبت لزيارة صديقي ورفيقي عبدربه جميل الجرابعة حيث كنت واياه من الناشطين حزبيا في صفوف الطلاب وقال لي سمعت ان سجينا وصل لمغفر الطفيلة اسمه أحمد الداعور دعنا نذهب لزيارته واذكر اننا اخذنا بطيخة و3 كغ من العنب من السوق وذهبناالى المغفر وطلبنا زيارة السجين فاستغرب المسؤول هذا الموقف حيث ان احمد الداعورمواطن من الضفة الغربية من قرية قلقيليا ولا اقارب او معارف له هنا وقلنا له الرجل ضيف عندنا ونحن اهله فأكبر ذو النجمة الواحدة موقفنا وسمح لنا بتلك الزيارة ولما عرف من هو هذا السجين
    وما عمله الا عندما غادرتالى الكويت للعمل وسمعت انه مؤسس حزب التحرير الإسلامي وهو مناضل عنيد لا تلين له قناة وفي تلك السنة وما بعدها اشتعلت المظاهرات في كل الوطن العربي وباستمرار،مطالبة بتحرير فلسطين والجزائر وكان لأبناء الطفيلة آنذاك دور مهم وخاصة قطاع الطلاب ومن هنا كانت الملاحقات لهذا القطاع وكان البحث والتفتيش عن الممنوعات ولكن أي ممنوعات هذه ؟!!
    هي الكتب والأوراق لا غيروكانت حصة المصادرات من المغارة التي كنا نسكن فيها الممنوعات التالية :
    1. معالم الحياة العربية الجديدة للدكتور منيف الرزاز
    2. جذورالبعث لبهجت أبو غربية
    3. قصةجميلة بو حيرد
    4. صورة لجمال عبدالناصر
    وهذه الممنوعات كانت كافية لوضعي على القائمة السوداء ، أعود للتوصية التي طلبها منك المرحوم والدنا وهي أن تبتعد عن الأحزاب لأنه لديه تجربة مرة من خلال معاناة ابنه البكر علي بسبب انغماسه في العمل الحزبي وهو الذي لم يشاهده منذ عقدين ولم يقدر ان يصل اليه بسبب هذه التهمة ليس فقط تجربة ابنه علي بل الأدهى والأمر تجربة ابن أخته الحاجة صبحة بنت الشيخ عباس القطامين وهي والدة الأستاذ مرضي القطامين ( أبو نضال ) خريج جامعةالقاهرة عام 1954 والمعلم المتميز في سلك التعليم حيث أوقف عن العمل وأرسل إلى معتقل الجفر الصحراوي لفترة طويلة ثم خرج ليوضع تحت الإقامة الجبرية في قريته لمدة ثلاث سنوات والسبب هو انتماؤه الحزبي .
    ألا ترى كم هو واقع مرير منا لــ 1958 إلى الــ 2013 56 سنة من عمر الزمن ثم نبدأ من المربع الأول لبناء أحز ابجديدة !!!
    كان الله في العون وإلى رسالة قادمة
    أخوك المحب علي

  • 2 د.سالم القرارعة--جامعة القصيم -السعودية 28-04-2013 | 08:12 PM

    تبقى الكلمات جامدة ذات دلالات محدودة مهما كانت ولكن اذا ما تناولها فنان بارع حتما ستتغير الى شيءاخر ،وما كلمات اديبنا الاستاذعبدالمهدي عن ذلك ببعيدلقدعدت بنالعقود خلت شحنا لهالذاكرة ذكرتنا من خلالها بملح الارض الرجال الكرام اصحاب الهمم العالية والقامات السامقة ممن تركوا من البصمات التي لن تمحى بسهولة ،منهم هذاالرجل الذي نعرفه بل الله سبحانه يعرفه من خلال شهادتنا فيه، لقد كان من الملازمين لبيت الله العاكفين في محرابه حمامةالمسجدبل سراجه فلا تراه إلارائحااوغادي اليه رحمه الله رحمةواسعةوعوضكم خيرا

  • 3 A.S.Qtameen 29-04-2013 | 01:40 AM

    لم أكن أعلم بأن الجرح قد يورث ....
    ولكن عندما قرأت مشاعرا خطت بحبر العيون نبشت عن جرح دفين شادت له الروح بأبجديه لا تنطقها الشفاه ....
    " دمتم كما عهدناكم منارة للعلم, أهل للخير , وملاذا يلتجأ اليه في النائبات .... ورحمك الله يا جدي رحمة واسعه وأنار عليك جنتك


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :