أشقاءنا ضيوف الأردن أهلاً بكم .. ولكن
د. محمد أحمد الكركي
25-04-2013 07:44 PM
تشير تطورات الأحداث على حدود الأردن الشمالية بأن معركة الإستنزاف الضروس بين قوات الجيش النظامي السوري وقوى المعارضة طويلة الأمد، وتأكل في طريقها الأخضر واليابس، في ظل صعوبات التوصل لحلول دبلوماسية، وعدم إمكانية حسم النزاع المسلح لصالح أي طرف.
دعوات قوى الإتلاف الوطني وقوى المعارضة الدول الداعمة لها تزويدها بأسلحة نوعية، تمكنها من الصمود أمام جيش نظامي متمرس، استطاع فرض سيطرته مجددا على قرى قريبة من معاقل مقاتلي المقاومة، لم تجد أذنا صاغية، فيما تصك آذاننا تصريحات الدول المؤيدة للنظام مؤكدة تجديد دعمها للنظام السوري.
استقالة رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب، وتعيين خليفة له، بسبب فشل المعارضة السورية مرة أخرى في الحصول على الأسلحة النوعية التي طلبتها من الدول الداعمة، تؤكد عدم رغبة هذه الدول توفير الأسلحة، لخوفها من وقوع الأسلحة بأيدي جهات إرهابية، في ضوء المعلومات التي تشير بوجود تعاون بين قوى المعارضة وجبهة النصرة.
في ظل فشل الحلول الدبلوماسية ومقترحات حل الأزمة، فان توقعات ما ستحمله الأيام القادمة من أحداث، وما يمكن أن يترتب عليها من تبعات اقتصادية واجتماعية، تشكل محور اهتمام وترقب دول الجوار، الأكثر تضررا من الأحداث في ظل تزايد أعداد اللاجئين الذين دخلوها خلال الفترة الماضية.
اهتمام المسؤولين الأردنيين هذه الأيام منصب على دعم جهود الحل السلمي للازمة، لتخفيف معاناة الشعب السوري وخروجه من المحنة، والمحافظة على الأردن في خضم تطور الأحداث، وفي البال التجارب العالمية في هذا المجال، اخذين بعين الاعتبار، نزوح قرابة 500,000 لاجئ سوري عبر حدود الأردن خلال عامي الأزمة السورية وفقا لصحيفة 'واشنطن بوست' الأمريكية، التي قدرت كلفة إقامة اللاجئ السوري في الأردن بحوالي ثلاثة ألاف دولار أمريكي سنويا بسبب إعانات الدعم على الكهرباء والماء، مستشهدة ببيان المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني، وتأكيدات وزارة الصحة الأردنية، بإنفاقها نصف ميزانيتها للرعاية الصحية على السوريين وحدهم، وأنها تحتاج ما يقارب من 350 مليون دولار، كتمويل طارئ لاستكمال خدمات قطاع الرعاية الصحية في البلاد.
ووفقا للصحيفة فانه بالرغم من وجود 160 ألف لاجئ سوري في مخيمات اللاجئين، إلا أن الأغلبية تقطن في المدن، ويسبب وجودهم تصاعد التوتر مع الشعب الأردني المستضيف لهم، مشكلا ما يصفه المسؤولون الأردنيون 'واحدة من أكبر الأزمات التي يعاصرها الأردن منذ عقود'. ونسبت الصحيفة إلى مسؤولين بالحكومة الأردنية قولهم:'من المتوقع أن تصل تكاليف استضافة الأعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين داخل الأردن إلى مليار دولار أمريكي خلال هذا العام، فيما يقول خبراء اقتصاديون أن التكلفة الحقيقية لاستضافة اللاجئين الذين يزاحمون الأردنيين في فرص العمل والإسكان تفوق بكثير التكلفة المقدرة.
وتأتي تصريحات المسؤولين الاردنين ومن ضمنهم السياسي المخضرم رئيس مجلس الأعيان الأردني دولة السيد طاهر المصري إلى أن "علينا التحوط للتطورات على حدودنا الشمالية وإعادة تنظيم عملية اللجوء"، بما يحظى به دولته من قوة تحليل، وسعة اطلاع، وبعد رؤيا، لتؤكد مخاوف الأردن من التطورات المتوقعة.
ختاما، على الرغم من ظروفنا الاقتصادية الصعبة في الأردن نقف لجانبكم أشقائنا ضيوفا أعزاء، داعين الله أن ينهي معاناتكم، ويعيدكم إلى بلدكم الغالي سوريا، الحمى العربي الأصيل في أقرب وقت غانمين سالمين، ندرك صعوبات ما تواجهون، فبلاد الإنسان خير البلدان و" بلادي وان جارت علي عزيزة وأهلي وان ظنوا علي كرام". اما وقد حللتم في بلدكم الثاني، أردن أبا الحسين، ضيوفا مُرغمين بسبب المعاناة، يستقبلكم أهلكم في الأردن بالمهج والأرواح، وهم يعتصرون ألما لمعاناتكم، تقتسمون معهم ما قسم الله لهم ولكم من زاد وماء، أملين منكم العذر عن القصور "فالعين بصيرة واليد قصيرة" و"الجود من الموجود". فيا أهل الشام، أبناء دمشق وحلب واللاذقية وتدمر وحمص وحماه ودرعا... التي طالما استقبلت الأردنيين بحفاوة وكرم وطيب خاطر، ضيوفا مُعززين مُكرمين، تعز علينا معاناتكم وتذرف دموعنا لما لقيتم، وترق قلوب أمهاتنا لبكاء أطفالكم، وتشريد بناتكم، غير أننا لا نملك إلا الدعاء بتخفيف المعاناة والصبر على المأساة.
رعى الله الأردن بلدا آمناً وسدا منيعاً أمام محاولات الأعداء والمتربصين وحمى قيادته وشعبه من كل مكروه.
maskaraki@yahoo.com