كيف نجح النسور في انتزاع الثقة؟
حسين الرواشدة
24-04-2013 06:59 AM
لم ينجح الدكتور عبدالله النسور في “انتزاع” ثقة اغلبية مجلس النواب “83 صوتا” فقط، وانما نجح ايضا في “تصميم” واخراج العملية للخروج من “الامتحان” دون ان يحمل مجلس النواب اي احراج.
هذا بالطبع، يسجل للرجل، فقط كان بوسعه - كما ذكر لي بعض النواب - ان يضمن “ثقة” فوق حاجز المئة، لكنه اختار ان يخرج بثقة على الحافة لكي لا يتكرر موسم “الثقات” التي ما تزال الذاكرة تحتفظ بها لمجالس سابقة التصقت اسماؤها بعدد الاصوات.
ليس هذا دفاعا عن الحكومة او ابتهاجا “بالثقة” التي حازت عليها امس، وانما جزء من رواية ما تزال فصولها غير واضحة بعد ان دارت في اروقة البرلمان وخارجه، وكان بطلها بامتياز الدكتور النسور الذي دخل في “مفاوضات” مع نواب وكتل، وقدم ما قدمه من “تعهدات” ووعود لضمان حصوله على ثقة “متواضعة” دون ان يستعين باية جهة.
صحيح ان تمرير “الثقة” بالحكومة كان “خيارا” للدولة، نظرا لاعتبارات داخلية وخارجية اصبحت معروفة، لكن الصحيح ايضا ان ثمة عوامل اخرى “سهلت” هذه المهمة ودفعت العديد من “النواب” الى “تبرير” مواقفهم رغم خطاباتهم النارية، من هذه العوامل الموقف “الحاد” الذي تبناه عدد من النواب “المحافظين” تجاه الحكومة لاسقاطها باي ثمن، وبروز سؤال “البديل” الذي طرحه نواب اخرون فيما اذا اسفرت عملية التصويت عن حجب الثقة، ودخول “الاسلاميين” على الخط في “عرض” القوة الذي اعتبره بعض النواب “تحديا” للدولة.. اضف لذلك - طبعا - ما جرى بين الحكومة وبين بعض الكتل من “تفاهمات” لتسليف الثقة مقابل بعض الشروط والمطالب.
من جهة البرلمان، اتضح ان “الكتل” ما تزال هشة، وان اختراقها ليس صعبا، فقد “اختارت” كل الكتل تقريبا “تعويم” التصويت، ولم تستطع اية واحدة منها ان تكرر “بروفة” اشتراطات منح الثقة او حجبها كما حصل في برلمان 90 بين حكومة بدران والاسلاميين، كما اتضح ايضا بان المرحلة القادمة ستشهد مواجهات مع الحكومة ومحاولات لخلق اصطفافات معها او ضدها، وربما ستتبلور هذه الحالة بعد اجراء “التعديل” الذي سيدخل من خلاله النواب - او المحسوبون عليهم - الى الوزارة، ومن المرجح ان يكون بعد اقل من شهر، كما اتضح ايضا بان “قوة” طبقة البرلمانيين القدامى قد تراجعت مقابل صعود نواب جدد، مما قد يدفع هؤلاء الاقطاب - مستقبلا - الى محاولة “بناء” كتل او ائتلافات جديدة، خاصة بعد ان تعذر نجاحهم في حجب الثقة عن الحكومة.
باختصار، استطاع “النسور” ان يخوض “تجربة” صعبة من المفاوضات، وان يوظف ما لديه من “اوراق” سياسية في اتجاهات متعددة، وان يرضي “تطلعات” كتل ونواب بدت - للوهلة - متعارضة، كما انه استفاد من “الهجمة” التي واجهها من بعض الشخصيات داخل المجلس وخارجه وتمكن من “تحويلها” الى رصيده.
تفاصيل “الثقة” ستظل مجالات للتداول في الايام القادمة، لكن سؤال ما بعد الثقة سيدفع نحو “نهوض” معادلات جديدة، داخل البرلمان وخارجه، ومن السابق لاوانه “التكهن” فيما اذا كانت الحكومة ستحافظ على رصيدها “داخل المجلس” ام انها ستخسره عند اقتراب موعد دفع “الاستحقاقات” الموعودة.. كما انه من السابق الحكم على “العلاقة” التي ستقوم بين الحكومة والمجلس ومدى الانسجام بينهما لا سيما ونحن مقبلون على فتح “ملفات” كبرى، ليس اولها “ملف الفساد الاكبر” الذي وعد الرئيس بفتحه.. وانما ملفات اخرى تتعلق بحدودنا الشمالية والغربية.. وربما الشرقية ايضا.
الدستور