ماذا تبقى من الضفة الغربية؟!
ماهر ابو طير
22-04-2013 03:35 PM
يصرّح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن حل الدولتين أمامه عامان فقط، حتى يتحقق، وإلا فلن نشهد بعد ذلك قيام دولة فلسطينية، وتصريحاته جاءت قبل أيام في سياق حديثه عن عملية السلام.
أكثر من نصف مساحة الضفة الغربية مصادر من الاحتلال، إضافة للمساحات التي تمت مصادرتها بسبب الجدارالعازل، والطرق الالتفافية، وهذا يعني أن الأرض الجغرافية الصالحة والمتصلة لإقامة الدولة الفلسطينية لم تعد متوافرة اساساً.
يقال هذا الكلام حتى لا نبقى نستغرق في وهم قيام الدولة الفلسطينية، اذ كيف ستقوم هذه الدولة، وأغلب أرض الضفة الغربية إما مصادر وإما تحت المصادرة، والوقت الذي نتشاغل فيه بالكلام عن عملية السلام تستفيد منه إسرائيل ببناء مزيد من المستوطنات؟!.
الأمر ذاته ينطبق على واقع مدينة القدس التي يتم تهويدها يومياً، ومصادرة ارضها، وارهاق اهلها بالضرائب والمخدرات والبطالة والفقر، ودفعهم دفعاً للسفر خارجها، في سياق إعادة تشكيل هويتها، وانتاجها باعتبارها مدينة غيرعربية.
الأمر في غزة واضح كما الشمس، ايضاً، لكونها معزولة بعيداً تحت حكم مشروع فلسطيني آخر، وفرص الالتقاء باتت معدومة بين المشروعين الفلسطينيين في الضفة وغزة، رغم كل محاولات رأب الصدع بين الجانبين.
هذا يعني أن أرض الدولة الفلسطينية غير متوافرة، ونائب رئيس الوزراء السابق د. مروان المعشر قال قبل سنوات ان حل الدولتين انتهى فعليا، وكلامه دقيق و جاء على خلفية تحليل عميق له، حول الواقع الجغرافي والديموغرافي في الضفة الغربية.
كل هذا يأتي في الوقت الذي تتم فيه إثارة الشكوك حول مآلات الضفة الغربية، وكأننا في المنطقة نتعازم على ارض بيدنا، ونسأل عمن سيحكمها، فيما هي غير موجودة فعليا، ولا..بيد أي طرف، وهذه الحقيقة التي يجب ان تقال هنا؟!.
لا يمكن تصديق قصة تبادل الاراضي والمساحات باعتبارها منفذا لحل الدولة الفلسطينية، لأن اسرائيل لو كانت تريد اجراء هذه المقاصة السياسية، لما واصلت الاستيطان في الضفة الغربية وتغيير جوهرها الجغرافي والسكاني.
بهذا المعنى فإن عملية السلام وسيلة لشراء الوقت، حتى يكتمل المشروع الإسرائيلي، وسنصحو بعد حين واذ بكل الضفة الغربية بات بيد الاحتلال جغرافيا وميدانيا، وقد تحولت قضية السلام من قضية قيام دولة الى قضية سكان بحاجة لمظلة قانونية وسياسية لحل مشكلتهم، بأي طريقة كانت.
هذه ليست سلبية، في رؤية الواقع، لكن المخاوف كلها تترّكز على السر الذي يقول ان قضية فلسطين ستتحول فعليا من قضية ارض مغتصبة، ومشروع دولة مؤجلة، الى قضية سكان فقط، وهذا اخطر ما قد نراه خلال العامين المقبلين.
ليت القصة تبقى قصة من يحكم الضفة الغربية، لأننا نشهد قصة اخرى تقول ان عنوانها الاساس هو السكان فقط، وهذا خطر بالغ على فلسطين والمنطقة، ويوجب على كل الأطراف اليقظة والتنبه، لما يحاك سرا وعلنا؟!.
maher@addustour.com.jo