ثقة أم حجب، هل هذا هو المهم؟!
حسين الرواشدة
22-04-2013 04:25 AM
“البروفة” الاخيرة التي شاهدناها في مجلس النواب ربما تختلف عما سبق وشاهدناه في جلسات “الثقة” فلاول مرة يندفع اقطاب في البرلمان كانوا يمثلون “الخطاب” الرسمي للانقضاض على الحكومة، ولاول مرّة يقترب موعد التصويب على “الثقة” دون ان يملك احد من السياسيين “داخل البرلمان او خارجه” القدرة على معرفة “النتيجة” بالتحديد، ولاول مرة تبدو صورة الحكومة محاطة “بالغبش” وفي موقع الدفاع والترقب والحذر.. فيما كانت صورة الحكومات فيما مضى عكس ذلك.
لا تختلف حكومة النسور عن غيرها من الحكومات، فقد ولدت من ذات الرحم، وقدمت ذات الخطاب، لكنها جاءت في لحظة “فارقة”: وقفت امام “برلمان” جديد وجد نفسه مطاردا من شبحين: شبح الشارع بكل احتجاجاته ومطالبه، وشبح “الحل” الذي يمكن ان ينتهي اليه كما انتهى برلمانان سابقان، كما وجد نفسه “مجروحا” من ممارسات حكومة اغمرته “بالمشاورات” ثم اعتذرت عن عدم الالتزام بها، فيما وجد البعض “فرصتهم” للانقلاب على “ماضيهم” السياسي والخروج من الصورة النمطية التي اكتشفوا بانها “افقدتهم” ثقة الشارع، ولم يكن امامهم سوى “الحكومة” فانهالوا عليها نقدا، كما وجد “البعض” ان “ورقة” اسقاط الحكومة هي الوحيدة التي تضمن استعادة “ثقة” الشارع.
مهما تكن الاسباب التي دفعت “النواب” الى “الخروج” عن المألوف، فان ما حدث يعكس جزءا من “المشكلة” التي يواجهها بلدنا، اعني مشكلة “المواجهة” التي اصبحت عنوانها بارزا لممارساتنا في العامين المنصرمين على الاقل، والمواجهة هنا ليست فقط مجرد صراع سياسي بين مراكز القوى والنفوذ، او بين الحكومة والبرلمان، وانما هي سمة عامة لمجتمعنا اليوم، نرى صورها في الشارع وفي داخل المؤسسات وفي الخيارات التي نتنباها ايضا.
يمكن ان نتجاوز الاجابة على سؤال “المواجهة” هذا، سواء فيما يتعلق بمن يقف وراءه او يديره او فيما يتعلق باهدافه ومقاصده، لكن لا يمكن ان نتجاوز مآلات هذه “المواجهات” وتداعياتها على بلادنا، كما لا يمكن ان نغمض عيوننا على “جدوى” هذه الفوضى التي نجد انفسنا غارقين فيها، لا اتحدث فقط عن “رؤيتنا” فيما اذا كانت الحكومة ستخرج من امتحان الثقة ام لا، او عما لدينا من “بدائل” فيما اذا “فاجأنا” النواب باسقاط الحكومة. وانما - ايضا - عن العلاقة التي ستربط “السلطتين” مستقبلا، وفيما اذا كان الطرفان سيظلان في دائرة “التربص” المتبادل وما يعنيه ذلك من تأثير سلبي على دورهما وادائهما ايضا.
ثقة ام حجب؟ ربما يكون هذا السؤال اليوم او غدا - على ابعد تقدير - هو سؤال “المليون”؟ وربما نجتهد - نحن الذين عايشنا تجربة المجالس السابقة - ونقول بان النتيجة محسومة “بالموافقة”، لكن من يضمن ألا تحدث المفاجأة؟.
ثمة - بالطبع - من يراهن على ذلك، لكنني اعتقد ان انطلاق “صفارة” التغيير لم يحن وقته بعد، وان امام “مطبخ” القرار “ملفات” اهم مما يفكر به بعض “الطامحين” الى الوزارة.. واهم من “خبر” اسقاط الحكومة في البرلمان.. ليس هذا رأيي بالضرورة لكن هذا ما اراه في الافق، واذا سألتني عن هذه الملفات، سأقول لك انها اصبحت معروفة، واهمها ملف الحرب في سوريا، والتسوية في واشنطن، والاقتصاد الذي ينتظر قروض “الانعاش”، وقبل ذلك “الاستقرار” هذا الذي يجعل حيز “التغيير” محدودا جدا.. وبطيئا ايضا.
الدستور