نعيما !
فقد إحتاج الكثير من الناس لإفتضاح أمر زيارات النائب في البرلمان الأردني لفلسطين المحتله و خروجها للعلن عبر الاعلام كي يتأكدوا من أن " للرجل " – و الحلف الذي ينتمي له - علاقة حميمة مع الكيان المحتل لإرضه و المستعبد لأهله و القائمة اساسا على " البزنس " و المنفعة الذاتية على حساب اي قيم اخرى في زمن إنهارت فيه قيم الوطنية و الإنحياز الى الضمير لحساب إنتصار القيم المادية مستفيدة من نظريات " الشطاره " و انتشار النزعة الفردية سيما أننا في مجتمع بلا ذاكرة و متسامح بإفراط لحد التهاون .
لم يكن يكفي أغلب الناس سلوك هذا النائب السياسي و دعواته التوطينية المشبوهه ليتأكدوا بحكم المنطق أنه فعلا مرتبط بالإحتلال و أنه أحد أدواته التي يمكن من خلالها تصدير مخرجات الإحتلال و نقل الصراع الى الأردن للمساهمة بنسيان فلسطين .
ثمة ملاحظات أساسية يجدر التأمل بها بقصة زياراته المتكررة للارض المحتلة , فهي – أولا – لا تندرج حتما تحت دعمه للمقاومة, للإنصاف لنقل ما بقي منها للاسف , على أرض فلسطين و لا تندرج في باب صلة الرحم ما يعني أنها تندرج في سياق مشبوه يؤكده نهجه السياسي و تبنيه لعقلية التوطين و المحاصصة و أبتزاز الدولة التي تتهاون معه !
و ثانيا انها زيارت مدعومة من جهات " أردنية " رسمية و عليا , لها مصالح هي الأخرى مع الكيان و توظف النائب أياه و أشكاله في ذات الإطار. هذا يفضح بوضوح الحلف التوطيني المتآمر على الخصوصية الوطنية الأردنية و على الوطنية الفلسطينية في أن معا . فالنائب أياه يمثل عينة من الأردنيين من أصول فلسطينية من جماعة البزنس و الأموال الطائلة التي لا يعرف غالبا مصدرها و اصحاب نفوس مريضة تنظر للاردن و للاردنيين بفوقية و بحقد و تجحد بما قدموه بالتحالف مع " عينات " اردنية لها طابع إنتهازي من ابناء العشائر رعتهم جهات محددة ذات سطوة و تتعامل مع الاردن على انه مزرعة لا وطن و تسلك بشكل اجتماعي متخلف لا وطني تقدمي .
بسهولة اذا يمكننا النأي بجماهير عموم الشعبين التوأمين الاردني و الفلسطيني عن شبهات التآمر على خصوصية الهوية الوطنية الاردنية و حق العودة و التمسك بعروبة فلسطين . و بذات السهولة يتضح القطاع الواسع الذي يئن من نهج الحلف السالف الذكر .
اليوم و اكثر من اي وقت مضى تحتاج فيه هذه الجماهير الي التماسك و مراجعة برامجها و اولياتها و تأمل ما يجري منذ اعوام في غير بلد شقيق و ان تستخلص العبر من تجارب الاخرين و ان تعفي نفسها من كوارث محدقة و ان تعي ان تماسكها و انحيازها لمصالح الدولة الاردنية هو مكمن قوتها و مهمتها الاولى و الثانية و الثالثه ! و ان نبذها لاي عصبية عشائرية و فصائلية و مناطقية و دينية اصبح ضرورة و ان تمسكها بغد افضل و العمل لاجله ليس وهما و لا مستحيلا و ان كان صعبا و ان انجذابها لخطابات الاحباط واليأس و التفتيت و فقدان الثقة بالذات لن يزيد حياتها الا بؤسا .
لم يعد من المعقول ان يعيش ملايين الاردنيين بهذا السوء و بإنحدار متواتر و دولتهم تحوي خيرات متنوعة نهبت بغير حق . و الحل الوحيد لمشاكلنا المعيشية يكمن في محاكمة النهج النيولبرالي المنزوع الضمير و استعادة كل فلس من عشرات المليارات التي نهبها بضع عشرات من اللصوص على حساب بضع ملايين من المواطنيين و ان التفكير برفع الاسعار و فرض مزيدا من الضرائب و استدانة المزيد من البنك الدولي و خفض موازنات الخدمات العامة سيحيل الصداع الى ورم و ان التفكير بتأجير الجيش العربي الاردني و عرض دماء ابطاله للمزاد الاقليمي سينهي الدولة برمتها في ظل تغول حلف التوطين و المحاصصة و الدعم الصهيوني الذي يحظى به . فبعد نجاح تأجيج النعرات الاجتماعية و تقزيم الولاء و اقتصارة على الولاءات الفرعية على حساب الولاء الوطني العام و نجاح افقار الدولة و اضعاف ايمان المواطنين بها ها هي خطة الاجهاز على الدولة تصل الى مرحلة توريط الجيش في نزاعات تعنينا حتما لكن العقلانية تدعونا للبحث عن حلول لاطفاء الحرائق من حولنا لا ان نكون حطبا لها و يصلنا لهيبها !
عموما , النائب اياه لا يمثل الا نفسه و لا ينوب عن فئة اجتماعية معينة و الجهات الرسمية الاردنية التي ترعى و تتبنى هذه الاشكال لا تمثل الاردنيين فهي بالاساس المسؤولة عن نهب مقدرات البلد و هي التي تنحي الشرفاء لحساب اللصوص .