نحتاج إلى «حكماء» لنخرج من هذه الصورة؟
حسين الرواشدة
18-04-2013 04:59 AM
هل تبدو صورة بلدنا “قاتمة” الى هذه الدرجة، كما رأيناها في “مرآة” خطابات أغلبية النواب؟ قبل ان اتطوع بالاجابة ارجو التذكير باننا شهدنا - منذ عامين - اكثر من “13” الف احتجاج، توزعت بين مسيرات ومظاهرات سياسية، ومطالبات واعتصامات عمالية، وان الباب ما زال مفتوحا امام المزيد منها، مما يعني ان بلدنا اصبح يتمتع “بحيوية” عالية، لكن السؤال عن “مآلات” هذه الحيوية واحتمالات “تصريفها” ما زال معلقا، لان الاجابة عليه - ببساطة - تحتاج الى عين بصيرة تستطيع ان ترصد ما انجزناه حقا، وما لم نستطع حتى الان ان ننجزه، والمفارقة - هنا - ان تصاعد “ردود” الشارع يعكس حالة من عدم الرضى، ويقدم لنا جزءا من “الصورة” التي عبر عنها بعض السادة النواب.
للتذكير - أيضا - فان ما طالعتنا به آخر الاستطلاعات - الداخلية والخارجية - يشير بوضوح الى ان “أمورنا لا تسير في الاتجاه الصحيح” والى ان صورة بلدنا في عيون “الناس” تبدو محاطة “بالغبش”، ورغم أن هذه الاستطلاعات تشير الى ان “الاوضاع” الاقتصادية الصعبة هي السبب في ذلك، الا ان “اخطاء” السياسة تبقى الوجه الآخر لما انتهينا اليه، الامر الذي يضيف الى الصورة “بعدا” آخر يجعلنا نشعر - اكثر من اي وقت مضى - بأن احوالنا ليست على ما يرام.
حين ندقق اكثر في المشهد، سنكتشف باننا لم نغادر “دائرة” الحيرة والارتباك، فالعنف ما زال يتنقل بحرية بين مؤسساتنا وشوارعنا وعملية خلط الاوراق اصبحت مكشوفة تماما، واذرع الدولة التي كانت قادرة على احتضان “مواطنيها” تراخت ومعها تراجعت تقاليد وقيم وقوانين كانت تمثل “سياجا” يقنع الناس ويحميهم ويجعل اقدامهم اكثر ثباتا على الارض، ووسط هذه الاجواء لم نعدم رؤية حالة غريبة من “تنقلات” السفراء وزيارتهم من قبل البعض لطلب المساعدة، كما لم نعدم متابعة تنبؤات “بعواصف” قادمة ستضرب هنا او هناك، او مقاربات سياسية “تمسّ” عصب حياة الناس ومستقبلهم ايضا.
من المفارقات هنا ان نقاشاتنا - سواء في البرلمان او في الاعلام او في الشارع، تتوجه - في الغالب - الى قضايا ثانوية، وكأن ثمة من يريد ان يشغلنا عن “الاولويات” الكبرى التي تهدد بلدنا، لا اتحدث هنا - فقط - عن الملف السوري الذي انشغلنا به من زاوية انسانية واهملنا “اخطاره” السياسية، وانما ايضا عن ملف “التسوية” القادم وما يجري داخله من “ترتيبات” سياسية، وعن ملف “العلاقات” بين مؤسساتنا على اختلافها وما تتعرض له من اشتباكات وصدامات، وعن ملفات اخرى يبدو انها تحولت الى مجرد “كرة” يجري تبادلها بين اطراف المعادلة السياسية القائمة لحسابات غير مفهومة.
لكن يبقى أن أهم وأخطر ما نواجهه هو “لعبة” خلط الاوراق بين الفاعلين السياسيين، مقابل “خيبة” المجتمع من كل ما جرى، واحساسه بان “النخب” قد خذلته، وهنا يبدو السؤال عن المخرج مشروعا ومطلوبا ايضا، وانا اعتقد اننا بحاجة الى تشكيل “لجنة” من “الحكماء” “كما فعلت تركيا مؤخرا” لوضع النقاط على الحروف، والنقاط هنا تتعلق بثلاثة عناوين: الاول هو تصحيح العلاقة بين المجتمع والدولة، والثاني هو تصحيح مسارات السياسة والاقتصاد، والثالث ترتيب علاقاتنا مع محيطنا الاقليمي والخارجي، ومهمة “الحكماء” هنا هي تقديم ما يلزم من “اقتراحات” يفترض ان يستمدوها من المجتمع بكافة اطيافه، ثم وضعها امام “صانع” القرار.. وهذا بالطبع لا يتناقض مع حضور المؤسسات الرسمية صاحبة الولاية، وانما يعززه ويبدد - ايضا - حالة “القتامة” التي اصبحت سمة عامة لرؤيتنا، وكأننا - جميعا - اصبحنا جزءا من المشكلة..
باختصار، لا بد ان نذهب الى عنوان جديد، والى “ابداعات” سياسية صادمة وغير عادية، لكي نخرج من الحالة التي وضعنا انفسنا فيها ونتهيأ لبناء بلدنا بهمة عالية وروح لا تعرف اليأس..
واعتقد ان هذا العنوان هو “البحث عن حكماء”!
الدستور