التقرير المطول الذي أصدره المجلس الاقتصادي والاجتماعي، والمكون من 760 صفحة من القطع الكبير والورق الصقيل والسميك، وبوزن لا يقل عن 2.5 كيلو، لا يقصد به أن ُيقراً من أوله إلى آخره، فهذا فوق طاقة أي مسؤول أو مهتم.
لكن هذا لا يعني وضع هذا المجلد الضخم على الرف، حتى لو كان الرف قوياً وغير معرض للسقوط تحت وقع ثقل المجلد، فمن الممكن التعامل معه بالأسلوب الانتقائي، أي اختيار الفصل الذي يهم القارئ.

اعتماداً على هذا الوضع اخترت أن أبدأ بقراءة الفصل الذي يعالج عجز الموازنة العامة باعتبار أنه أحد الموضوعات التي أعالجها باستمرار لدرجة الإلحاح، فربما يكون هناك جديد.

يمكن تجـاوز ما يشبه المقال عن أهمية الموازنة العامة كخطة اقتصادية لسنة كاملة، ودورها في المجال التنموي والاجتماعي، وأداة لإعادة توزيع الدخل القومي، وما إلى ذلك مما لا يحتاجه المختص.

كما يمكن الاستفادة من الجداول الاحصائية التي توضح أرقام العجز خلال السنوات العشر الأخيرة قبل المنح وبعدها، وتطور عجز الوحدات الحكومية المستقلة خلال أربع سنوات، وجدول بالمنح التي تلقتها الخزينة الأردنية سنوياً منذ عام 2002، وتطور نسبة تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية كمقياس للاكتفاء الذاتي، وتوزيع النفقات العامة بين جارية ورأسمالية، ونمو المديونية الخارجية والداخلية خلال السنوات الخمس الأخيرة، مما يخدم كمرجع سهل لتطور هذه المؤشرات.

المشكلة تكمن في مجال طرح الحلول والتوصيات التي جاءت بشكل عموميات لا تكاد تغير شيئاً من مجريات العمل الراهنة مثل: إعداد خطة اقتصادية وطنية شاملة (من يقوم بإعدادهـا إذا لم يكن المجلس الاقتصادي والاجتماعي؟)، إعطاء الأولوية للمشاريع الرأسمالية، معالجة جيوب الفقر ومكافحة البطالة (كيف؟) تبني برنامج لإعادة ضبط الموازنة (ما طبيعته؟)، البحث عن الآليات (المناسبة) لتمكين القطاع المصرفي من توفير السيولة للمشاريع الرأسمالية (ما هي؟).

هناك أيضاً مقترحات لتعزيز الإيرادات وتقليل النفقات، وإدارة الدين العام، والسعي للحصول على المزيد من المنح المالية تبدأ بكلمات مثل: تسريع الإجراءات، إجراء مراجعة شاملة، دعم الجهود الرامية إلى...، تفعيل الإجراءات، وهي اللغة التي استعملت بكثافة في إعداد خطط التنمية الخمسية، ولم تكن تعني الكثير على ارض الواقع.
السؤال: ماذا يستطيع وزير المالية أن يفعل أو يغير بعد قراءة هذا الجزء من التقرير؟.

الرأي