هل هناك ديمقراطية صحيحة وعدالة اجتماعية في تعامل إدارات الولايات المتحدة مع العديد من الدول العربية ودول العالم الثالث، أم أنها تعاملهم بالتبعية والعبودية؟
تعامل الأمريكان مع اسرائيل كشريك استراتيجي دائم بمصالح مشتركة لا يشوبها شائب، أما الدول الأخرى فإنها تقوم بتنفيذ المآرب والمصالح الخاصة للأدارات الأمريكية من خلال الأوامر التي توجه لقادتها المرتبطين بها بشكل أو بآخر.
تحتفل الدول سنويا بعيد استقلالها، فهل هي دول مستقلة تماما واداراتها نابعة من حكوماتها وشعبها، أم هي دول مستعمرة، تنفذ رغبات الدول العظمى، فإلى متى تقبل على نفسها هذا الضيم وهذه العبودية ومتى تستقل فعلاً.
تستغرب الأدارة الأمريكية من شعوب الشرق الأوسط بأنهم يكرهونها وأنهم يستمتعون إذا أصابها مكروه.
ألا يعرفون السبب؟
إنها تكيل بمكيالين وتعامل الناس بالداخل بطريقة مختلفة عن تعامل الدول الأخرى وتدعم الحكام غير الشرعيين وغير التابعين من شعوبهم، وأهم سبب دعمهم الدائم لأسرائيل مهما عملت ومهما قتلت وشردت ورحلت من الشعب الفلسطيني.
لم تؤيد الولايات المتحدة أي قرار في الأمم المتحدة ضد اسرائيل وتستخدم الفيتو دائماُ فهل يعني أن اسرائيل لا تخطئ مرة واحدة على الأقل؟
الدعم دائم دون تفكير أو نقاش، بينما معاملتهم مع حكام دول العالم الثالث غير الديمقراطيين والتابعين لها ولأجهزتها، لتنفيذ المآرب وعند استنفاذ الغرض منهم تقوم بالتخلص منهم كما حصل مع ماركوس رئيس الفلبين، وسوهارتو رئيس اندونيسيا، ناهيك عن شاه إبران الذي لم يجد مكاناُ ليدفن به الا بصعوبة بالغة.
كانت الصهيونية تعمل بلا كلل أو ملل من أجل إقامة دولة تحتضن الصهاينة أو اليهود، في كيان واحد، بعد أن كانوا مبعثرين في أصقاع الأرض.
نقتنع بأن هناك أناس كلوا وتعبوا حتى أصبحت اسرائيل على ما هي عليه الآن، بعد أن بشر بها هيرتزل في مؤتمر بازل عام 1897م، عندما قال إنه بعد خمسين عاماُ سيكون لليهود دولة، وفي العام 1948، اي بعد نحو خمسين عاماُ، أنشئ الكيان الصهيوني بعد اغتصاب الأرض الفلسطينية، وتهجير اصحابها إلى شتى بقاع الأرض.
اسرائيل لم تترك دولة في العالم الا ابتزتها خدمة لأهدافها، وطمعا في تحقيق المزيد من المكاسب المادية والسياسية، بدءا ببريطانيا مرورا بالدول الأوروبية حتى الولايات المتحدة.
لا يعقل أن دولة حديثة العهد، لم تمض أيام على ولادتها بأمكانها هزيمة الجيوش العربية مجتمعة في عام 1948، لولا الدعم الدولي الذي لاقته ومدها بالمال والسلاح والعتاد من قبل الغرب وخاصة بريطانيا أولاُ.
أحد أهم مكامن القوة في هذا الكيان، هو الدعم الأمريكي غير المنقطع، الذي تكفلت به واشنطن، والغطاء الذي وفرتها له في المحافل الدولية، والمساعدات والهبات السخية التي لم تنقطع.
يخرج رئيس الوزراء الإسرائيلي متحديا الإدارة الأمريكية ليقول إنه ليس من حق أحد التدخل في الشؤون الاسرائيلية، وأن اسرائيل تدرك مصالحها جيداُ، ولم يكن هناك اي رد فعل من الأدارة الأمريكية، باعتبارها الشريك الحقيقي، ذو المصالح المتبادلة .
كنت في عام 1987 في جامعة M.I.T في بوسطن بالولايات المتحدة، وفي ورشة عمل قال لي أحد الأمريكين لقد باع الفلسطينيون أراضيهم لليهود لذلك يحق لليهود إنشاء دولة لهم على أراضي اشتروها بأموالهم، فقلت له إن هذا الكلام غير دقيق تماما، ربما باع بعض الفلسطينيون أراضيهم لليهود بسبب حاجتهم المادية وبسبب ارتفاع ضرائب الاراضي عليهم من حكومة الانتداب البريطانية التي تعمل على تفريغ الأرض وتسليمها لليهود ضمن خطة مسبقة، وهناك بعض العائلات من مالكي الأراضي غير الفلسطينيين قد باعوا وغادروا إلى لبنان وغيرها. ولكنني أريد أن أطرح عليكم هذا السؤال، لنفترض أن الكويت أو السعودية قد جاءت واشترت مانهاتن أو نصف نيويورك فهل تقبلوا أن رفع عليها علم بلدانهم ويقيمون دولة عليها؟ فقالوا لا وإنما نقاتل في سبيل عدم حصول ذلك، فقلت لهم إذن يجب الا نقبل للآخرين ما لا نقبله لانفسنا ويجب أن تكيلوا بمكيال واحد للجميع بالتساوي وليس بمكيالين.
إذا أردنا أن ننظر لواقعنا وما يدور حولنا، نجد أن كل إنسان يستطيع أن يصف نفسه بأي وصف يشاء، وكل مجموعة من الناس بأمكانها أن تفعل الشئ ذاته، وما دامت الأوصاف أصبحت مشاعاُ، كالكلمات على قارعة الطريق.
لهذا فأن المفكرين المجردين من الأهواء والمصالح يربطون النظرية بالتطبيق، والتنظير بالممارسة والقول بالعمل، وفي كثير من الحالات تكون العلاقة بين الأسم والواقع عكسية تماماُ كما هو الحال في هتلر الذي كان مؤسس حزب إسمه الاشتركي الوطني.
الثورة هي فعل جماعي هدفه تغير وضع قائم، وهذا التغير قد يكون للأفضل وقد يكون للأسوا وهو الذي يسمى الثورة المضادة.
لقد فشلت كثير من الثورات بسبب غياب شروط النجاح التي يجب أن تتضافر معا، والظروف الموضوعية يجب أن تواكبها عوامل ذاتية ناضجة ومؤهلة.
ويجب أن نفرق بين الثورة والحرب الأهلية والتقدير الدقيق لموازين القوى واجتذاب غالبية الشعب، حيث الجائع يحتاج معطفا، والمشرد يطلب بيتاُ للسكن، والأطفال يرنون إلى تلمس خطاهم نحو المستقبل.
عملنا لصالح أمتنا وشعبنا لتحقيق امنياتهم والاستفادة من تجارب الآخرين وفرض تقديرهم لنا، لا أن نكون تابعين ومنفذين لرغبات الآخرين.
dr.sami.alrashid@gmail.com