مقترح بإشراك طلبة الجامعات في العمل البرلماني
14-04-2013 06:38 AM
*عبر برنامج تدريب وطني محكّم بحيث يكون لكل نائب مساعد أو أكثر من الطلبة المتدربين..
* المقترح يسهم في تحقيق التنمية السياسية لدى الشباب ..
عمون - العرب اليوم - المحلل الاقتصادي عبد المنعم عاكف الزعبي - يتعرض النواب في الآونة الأخيرة إلى جملة من القضايا المتخصصة على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي مثل مواضيع الطاقة والموازنة العامة ومحاربة الفقر.
بعض هذه القضايا يحتاج من النائب أو اللجنة النيابية دراية متخصصة غير متوفرة أو عملا بحثيا ومسحيا لا تسمح به طبيعة العمل النيابي في الأردن من حيث الوقت الضيق والخلفية المحصورة.
المشكلة المطروحة لا تخرج عن حدود المنطق الذي يقضي بمحدودية المعرفة والخبرة، ولا تعيب النواب والمشرعين حتى في أرقى الديمقراطيات الغربية.
ذلك أن المنطق لا يقبل امتلاك النائب في الأردن أو غيره المعرفة اللازمة والوقت الكافي للبحث في شتى مواضيع الساعة المتخصصة، وهو ما واجه كثيرا من الأجهزة التشريعية عبر العالم.
من هذا المنطلق، يأتي الاقتراح بتبني جزء من التجربة الأمريكية لأعضاء مجلسي النواب والشيوخ من حيث استنادهم إلى مجموعات من الطلبة المتميزين في الجامعات الأمريكية على صورة مستشارين متدربين يتقاضون أجورا رمزية مقابل عملهم.
الدور المناط بالطلاب المتدربين لا ينحصر فقط في إعداد المسوحات والأبحاث المطلوبة للنواب حول شتى المواضيع، بل وكذلك الأمر بالمسح الميداني لشتى الأحياء والمناطق لسماع صوت الشارع وإيصاله للمشرعين المنتخبين من قبل الشعب.
تخيلوا معي إنشاء برنامج تدريب وطني يرفد مجلس النواب الأردني بعشرات ومئات الطلبة المتدربين ليختار بعد ذلك كل نائب مساعديه الراغبين بالعمل ضمن فريقه لقاء أجر رمزي يضاف إلى موازنة مجلس الأمة.
من منظور النواب، سيسهم المقترح بتوفير مجموعة متفرغين للبحث وجمع المعلومات التي يحتاجها المشرعون لإتمام عملهم وبالتالي تفريغ جزء أكبر من وقتهم للعمل والالتزامات الرسمية والاجتماعية.
كما أن من شأن المقترح رفد النائب بالمعلومات الوافية عن أية قضية لا تلم بها معرفته أو خبرته السابقة، تماما كأن يتم رفد نائب ذي خلفية اقتصادية بمعلومات عن قضية اجتماعية وقانونية مثل جرائم الشرف.
أو أن يتم تحضير مادة اقتصادية متخصصة ومبسطة للنائب ليستطيع نقاش قانون الموازنة بالشكل المهني الذي يحقق الصالح العام و يخدم أبناء منطقته.
غياب الطبيعة الحزبية لتشكيلة مجلس النواب الأردني وما يرافق ذلك من غياب للبرامج المسبقة المدروسة يزيد على ضرورة تبني هذا الاقتراح، خصوصا وأن النواب أيضا غير مزودين بالطواقم المتفرغة للمسح والبحث وجمع المعلومات.
البرنامج المقترح يأخذ أيضا بالاعتبار الوضع المتراجع الذي تعانيه الجامعات الأردنية على المستوى السياسي، وهو ما يجعل من تبنيه ضرورة لتفعيل إشراك الطلبة في العمل العام بعيدا عن تكريس المناطقية والعشائرية أساسا للعمل الطلابي.
على صعيد آخر، سيخلق وجود مئات الطلاب في الصفوف الخلفية لمجلس النواب بيئة خصبة لتفعيل التنمية السياسية بين الشباب وخلق قيادات شبابية مستقبلية تتصل بهموم الوطن وقادرة على قراءة التوازنات الناظمة للعمل السياسي الأردني في الوقت ذاته.
المهم أيضا أن تقوم آلية المقترح على النزاهة في اختيار الطلبة المشاركين في البرنامج لتكون مستندة إلى التميز الأكاديمي بالدرجة الأولى والرغبة في العمل العام بالدرجة الثانية.
هذا وربما يكون من الأفضل أن تتم تزكية الطلاب المشاركين في البرنامج المقترح بناءً على آليات ومسابقات شفافة ونزيهة تعتمدها وزارة التعليم العالي وتشرف على تطبيقها الجامعات بعيدا عن أي تدخل من قبل السلطتين التنفيذية والتشريعية.
سوف يكون في تبني البرنامج المقترح رسالة مهمة إلى الداخل والخارج مفادها أن مجلس النواب جدي في تحقيق الإصلاح وتناول قضايا الساعة.
إضافة إلى دفع عجلة التنمية السياسية بين الشباب الراغبين بالمشاركة في العمل العام، سيوفر البرنامج أنموذجا للبرامج التدريبية القائمة على الشراكة بين الجامعات الرسمية ومختلف المؤسسات الخاصة والحكومية.
المهم أخيرا أن يستطيع البرنامج المقترح في حال تبنيه الصمود أمام ممارسات إدارية تمكنت من هدم العديد من المبادرات البراقة في السنوات الماضية.