مرايا
"أناشد وزير الداخلية بمنع مثل هكذا مسيرات مزعجة لا تجدي نفعا، وإنني أطلب من الحكومة تخصيص موقع معزول عن السكان لتقام عليه المسيرات وذلك لمنع الاحتكاك، ولكي يأخذ المواطن حريته بالتعبير، لأنني واثق لو كان المكان معزولا لما فتحت بعض الأفواه واشتدت الحناجر".
النائب صالح الجبور
16 كانون الأول (ديسمبر) الحالي
يقصد النائب المحترم بـ"هكذا مسيرات مزعجة" المسيرة التي دعا إليها حزب "جبهة العمل الإسلامي" الجمعة الماضي، تضامنا مع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ويطالب وزير الداخلية بمنع مثيلاتها مستقبلاً، أو بالسماح لها "موقع معزول"، أي ممارسة حَجْر سياسي على الأردنيين عندما يعبرون عن آرائهم!.
في بلادنا فقط، يعتقد النائب الذي انتخبه الناس لتحقيق مصالحهم بأن من صلاحيات الوزير منع المسيرات وعزلها، لأنه يدرك جيدا أن قانون الاجتماعات العامة يخوّل الحاكم الإداري الحظر، من دون التبرير، ويعرف جيدا أن محافظ العاصمة مثلا منع في الأشهر الماضية حفلي تأبين لشخصيتين أردنيتين كانتا بارزتين في العمل العام، من دون أن يملك ذووهما حق الاعتراض!.
في بلادنا فقط، يعتبر النائب أن المنع هو القاعدة، وأن المسيرات تشبه الأمراض والأوبئة الضارة، ويجب البحث لها عن "موقع معزول" وذلك "لكي يأخذ المواطن حريته بالتعبير" ظنّا منه أن المسيرات محض سلوك إعلامي بالغ الترف، أو "لا يجدي نفعا" على حدّ تعبيره"!.
في بلاد أخرى، تكفل حقوق المواطن الدستورية والمدنية, لا يملك الوزير والحاكم الإداري هذا الحق، إذ لا تستطيع الحكومات مخالفة الدستور والقانون، ولا تستطيع السلطات منع مواطن من التعبير عن رأيه، وذلك بعيدا عن قانون للاجتماعات العامة، يخوّل الحاكم الإداري أن يكون قاضياً في أعلى مرجع قضائي، لا يمكن الطعن بقراره.
الحاكم الإداري في بلادنا يمتلك صلاحيات قاضٍ في أعلى المراتب عندما يتعلق الأمر بقانون الاجتماعات العامة الذي جعل نائباً يعتبر تحت قبة البرلمان أن المسيرات "مزعجة" ويجب حظرها!.
الحكومة قالت إن مسيرة الجمعة شهدت قيام متظاهرين بـ"الدوس" على العلم الأردني أمام الناس، وفي ظل مطالبة جبهة العمل الإسلامي بفتح تحقيق، والبحث عن المتورطين، يجب على الحكومة أن تقوم بواجبها في القبض عليهم، وتحيلهم إلى القضاء، لا أن يتم تجاهل القضية، مثلما فعلت حكومة سابقة قبل أربعة أعوام!.