يبدو أننا أمام تكرار المشهد نفسه في كل مرة، عندما يتم رد شحنة قمح "من بعض الدول" المجاورة يجرى البحث عن تصريف هذه الشحنة غير المقبولة والمليئة بالحشرات الحية والميتة فوق النسبة المسموح بها عالمياً.

عندما تسد الموانئ أبوابها أمام تجار يجدون ملاذاً احتياطيّاً آمنا في ميناء العقبة، ودائماً يجرى معالجة مستعجلة عن طريق التبخير تفي بالغرض، وتجعلها قادرة على تجاوز الاختبارات المطلوبة.

هذه الشحنة التي تم رفضها في الموانئ المصرية والسعودية، يجب أن ترفض في الأردن على سبيل القطع والحسم ويجب أن يتم ذلك وفقاً لتبادل المعلومات المهمة والضرورية التي تتعلق بالأمن الوطني، وليس هناك أكثر ضرراً بالأمن الوطني من التواطؤ على إدخال هذا المستوى من الأغذية الفاسدة المرفوضة عالمياً.

رحم الله الدكتور ملحس، الذي أطلق صرخته المعروفة في هذا الموضوع الخطير وقف بحزم وشدة أمام حيتان الفساد الذين أثروا على حساب الوطن، وتاجروا بقوت أطفال الأردن وتحايلوا على القوانين والتشريعات النافذة، واستخدموا الرشوة لشراء ضمائر المسؤولين وشراء النتائج المضمونة للفحوص المخبرية القادرة على إنجاح كل الشحنات الفاسدة مهما كانت حالتها.

هذه الحكومة وهي في أيامها الأولى يجب أن تكون حذرة وفي أشد حالات اليقظة والانتباه تجاه هذه القضية الخطرة، وألا تسمح بتكرار الحالات السابقة، لان هذه المسألة تمثل خطورة بالغة على الأمن الوطني وعلى مستقبل الأجيال ولأنها تتحمل المسؤولية الكبرى في حماية الأردنيين وحفظ امنهم الغذائي وتأمين حياة أمنة لأطفالهم.

مجلس النواب يجب أن يجعل من هذه الشحنة شرطاً اساسياً من شروط منح الثقة للحكومة الجديدة، لان هذا الموضوع ليس محلاً للتهاون أو المهادنة مع أية جهة مهما كانت متنفذة، وسوف تكون شحنة القمح هذه امتحاناً صعباً لكل الأطراف المعنيّة، حكومة وبرلماناً ومؤسسات مختصة، وسوف تمثل اختياراً حقيقياً لمصداقية الحكومة والمجلس معاً.

هذه الشحنة سوف تبقى تحت المراقبة الحثيثة من قبل مؤسسات المجتمع المدني، ومن كل الجهات الشعبية، وسوف تبقى تحت نظر الصحافة وكل رجال الاعلام، وكل المعنين بالشأن الوطني العام.

a.gharaybeh@alarabalyawm.net
العرب اليوم