السنيد : النظام يعجز عن الاصلاح
11-04-2013 03:39 AM
عمون - القى النائب علي السنيد محاضرة الاربعاء امام مثقفين في محافظة مادبا بعنوان "الاصلاح السياسي في الاردن الى اين؟".
وكان حزب الحركة القومية قد وجه دعوة عامة لعقد المحاضرة في مجمع النقابات المهنية.
وقدم السنيد قراءة تاريخية لنشأة الدولة الاردنية باعاقة رافقتها منذ التأسيس ، واسباب تباطؤ الاصلاح ، واستعصاء الحل واحداث التغيير وبالتالي تفاقم ازمة النظام السياسي الاردني - وفق رايه -.
وتطرق الى الوضع العربي ، وما احدثه حراك الشارع من معطيات جديدة في الواقع السياسي العربي".
وجاء النائب السنيد في محاضرته:
لا شك ايها الاخوة ان النظام السياسي الاردني كما سائر انظمة المنطقة جاء على صيغة الانظمة القديمة في نشأته، ولم يكن وليد حالة ديمقراطية، او تعبيرا عن ارادة شعبية حقيقية لم تكن لتتوفر في ظروف تلك الايام حيث المستعمر البريطاني يحكم قبضته على المنطقة، مع عديد من القوى الاستعمارية، ويقدم بعض الدول العربية على شكل عطايا وهبات، ويوزعها وفقا لارادته، وبما يضمن تحقيق اهدافه الاستعمارية المعلنة.
وكان من نصيب الحليف العربي الذي تحرك لتحقيق شعار تحرير الارض العربية من الحكم العثماني بشراكة غير متوازنة مع الدول الاستعمارية ان تقتطع الاردن لتكون تحت حكم الامير عبدالله الاول، من مجمل الوعد الذي قدمته بريطانيا للشريف حسين بن علي باعطائه مملكة عربية في اسيا، هذا بعد ان الحقت الاردن تحت نظام الانتداب، وكانت الشراكة مع المستعمر تتجلى في هذه المرحلة، وهي ليست وليدة مرحلتنا الراهنة، التي شهدنا فيها عملاء الاستعمار، ودعاة التدخل الاجنبي ، وانما لها سوابق في التاريخ ، حيث من الواضح ان العرب لم يمضوا بمشروع تحررهم الوطني الى النهاية ، ولم ينجزوا الاستقلال رغم تقديمهم ملايين الشهداء، وتبدى ذلك في خروج انظمة تحكمهم من رحم الاستعمار، وكان الحاضنة لتبلورها، وجاءت تحمل اهدافه، وربما تلعب ادوارا مستقبلية لتحقيق اغراض هذا المستعمر.
ونشأت السلطة السياسية في الاردن تحمل عبء هذا الدور، وتعاني من ازمة النشوء ، وبقيت الدولة رهينة الشكل المشوه في ولادتها باقتطاعها من جوارها العربي، والذي رافقها منذ يومها الاول والى اليوم، الا ان التاريخ لا يحاكم باثر رجعي، وان كانت ازمتها تتعمق بسبب حالة التراجع حتى عن الهياكل السياسية، والصيغة الواقعية التي ولدت بها، وضمنت امكانية التوافق على الحد الادنى.
اوجدت الدولة الناشئة انذاك شكلا اميريا للحكم تطور الى ملكي ، وعبر عن العقد الاجتماعي بصيغة "نودي به ملكا"، وتم استثناء الشعب من ان يكون مصدر الشرعية التي اتخذت صيغة المبني للمجهول، وهي بذلك تكون اصدق تعبير عن ان الشرعية لم تكن مستندة الى الشعب، وان نص الدستور على ان الامة مصدر السلطات، وقد وضعت عدة صيغ للدستور وجرت عليها تعديلات قاسمها المشترك انها كانت تبقي معظم الصلاحيات بيد الملك.
وكان المستعمر البريطاني جهة التمويل المالي، وبقيت موازنة الدولة الاردنية مدفوعة بالكامل من جهة بريطانيا حتى عام 1956 ، وقام ضباط بريطانيون بتأسيس نواة القوة الامنية الاردنية المتمثلة بالبادية، وكان الامير يحظى بحماية تجنبه اية حركات احتجاجية او انفجارات شعبية.
ومعروف ان فلسطين الشق الثاني في المعادلة الاستعمارية، وهي المستهدفة بالاساس كانت تفتح للصهاينة، وتتعرض للتهويد، ، وتفرغ من اهلها، ويصار الى وضع الفلسطينيين في ظروف حياتية قاسية تحت الانتداب ، وتستولي العصابات الصهيونية المدربة على المدن والقرى الفلسطينية باستخدام اقسى انواع الاسلحة في حين يحرم الفلسطيني من حمل السكينة، وهي تحظى بحماية ورعاية المستعمر البريطاني الذي نفذ للصهيونية العالمية وعده بتحويل فلسطين الى وطن قومي لليهود.
وكان لا بد من وجود انظمة عربية محيطة قادرة على منع الجهاد الذي يمكن ان يتبلور في سياق المنطقة، وكذلك استيعاب حركة الهجرة الفلسطينية المتوقعة في ضوء مضي المنظمات الصهيونية الارهابية بتشريد الشعب الفلسطيني واقتلاعه من ارضه بالقوة، وجرى استيعاب حركات التشريد القسرية على الارض الاردنية، وبعد ذلك اقدم النظام على الاخلال بمبدأ الحفاظ على الهوية الفلسطينية كنقيض شرعي للهوية الاسرائيلية بأن تم تحويل هوية الفلسطينين، واستبدالها بهوية اردنية مما قضى بتخليص الصهيانية من العبء الاكبر الناجم عن وجود ملايين المشردين الفلسطينيين ممن يحق لهم العودة الى وطنهم.
وبذلك تكونت حقائق جديدة على الارض الاردنية، وبما يتعلق بتوازنات النسيج الاجتماعي على المدى البعيد افضت الى ان يتحول النظام السياسي الى ضابط ايقاع لهذا الواقع الاجتماعي القابل للتفجر مع استغلال السياسيين لخطورة توازنات النسيج الاجتماعي، ومضت العملية السياسية الاردنية تراوح في مكانها على صعيد مطلب التحول الديمقراطي على قاعدة خطوة للامام خطوتين للخلف. وتباطأت التطلعات الديمقراطية للنخب السياسية مخافة ان يتقاطع التغير مع المخططات الصهيونية ، ومتطلبات النظام الدولي، وذلك في ظل عدم وجود نظرة قومية شاملة للمنطقة ، والتي لو توفرت وكان الاقليم العربي يتوزع في اطار دولة عربية لجرى تجاوز هذا التناقض.
نعود مرة اخرى الى شروط اللعبة السياسية التي اجراها النظام الاردني والمتحلل من اية صيغة شعبية لنشوئه باعتمادة على توافق جرى مع القوى الدولية الفاعلة انذاك، وقد عبر عنه البريطانيون بكونه اقتطاع للاردن من وعد بلفور، واعطائه للامير عبدالله ليمارس حكمه.
وضعت صيغة سياسية اميرية للبلاد ، واوجدت هياكل السلطات السياسية، وكانت اقرب الى شكل الانظمة الحديثة من حيث التركيبة، ولكنها تفتقر لممارسة الادوار المنوطة بها بسبب عدم التوازن بين صلاحيات الامير، وبعد ذلك الملك، وبين السلطات نفسها، وقد شهدت المرحلة الاولى من حكم الامير تداخلا بين صلاحياته ، وارادة المستعمر، والذي كان بمثابة الممول للدولة ، وقد وضعت عدة دساتير ، والدستور هو بمثابة شهادة ولادة الدولة، وجرت تعديلات على هذه الدساتير ، وحتى اليوم الا انها حافظت بمجملها على الابقاء على غياب التوازن بين صلاحيات الملك وبين الصلاحيات الممنوحة للسلطات ( التنفيذية، والتشريعية، والقضائية).
وظل الملك دستوريا هو الرئيس للسلطات الثلاث حيث يعين رئيس السلطة التنفيذية، ويقيله، والسلطة التشريعية يعين اعيانها، وينتخب الشعب نصفها، وله حق حل المجلس التشريعي، والسلطة القضائية تصدر احكامها باسمه، وله حق العفو في الاحكام، وهو القائد الاعلى للقوات المسلحة، ويعلن الحرب، وكل هذا لم يمنع الدستور عن القول ان "الامة مصدر السلطات"، الا ان ممارسة الملك لصلاحياته محكومة بالدستور باستخدام الارادة الملكية والتي يلزم بها بموافقة الوزراء، والا اصبحت غير نافذة، وهو ما لا يحدث في الممارسة العملية كون الحكومة معينة من خلاله. هذا ناهيك عن نشوء مراكز قوى من خارج السلطات الدستورية اصبحت اكثر قوة من السلطات، ومن ذلك طبقة الملكة والامراء ممن لا مواقع دستورية لهم، وتوسع الديوان الملكي ، والمخابرات العامة على حساب الحكومة التي تفتقر للبعد الشعبي.
وقد مارس الملوك في الاردن السلطة على غرار الرئاسات التقليدية، حيث يظهر حكمهم وكأنه حكما رئاسيا، وليس ملكيا حديثا كما هو ممارس في الديموقراطيات، اذ يمثل الملك رمزية السلطة، وليس السلطة ذاتها، والتي تستند في شرعيتها الى صناديق الاقتراع، ولا توجد شرعية تبيح ممارسة الحكم في الديموقراطيات لا تعتمد على الصوت الانتخابي. الا ان الممارسة العملية اكدت خلو العمل السياسي الناجم عن النظام في الاردن من العنف والاكراه والجبر، وظلت بعض مظاهر الديموقراطية تتراءى في الوضع الاردني، وان كانت صيغة النظام نفسه تبتعد عن اصول الحكم الديموقراطي.
غير ان التفرد باستعمال السلطة، وغياب الرقابة الشعبية على عملية الحكم وفر الاجواء الملائمة لنشوء حالة كبرى من الفساد ترافقت مع العشرية الاخيرة لعمر الدولة الاردنية، حيث جرى عمليا مواصلة اضعاف البرلمانات الاردنية باعتبارها ممثلا للشعب ، وكونها الجهة الوحيدة التي تدين بوجودها له، وتعمل باسمه، ومرد ذلك كي لا تتمكن من مراقبة عملية الحكم الجارية ، وظلت قوانين الانتخاب تستهدف اضعاف عملية الفرز النيابي حتى وصلنا الى الصيغة الاخيرة باعتبار النواب اقرب الى نواب حارات ومناطق، وتجمعات عشائرية، وليسوا نوابا للوطن، ويحملون عبء تمثيل الشعب وحقوقه العادلة.
وقد مورست عملية الحكم بمعزل عن الرقابة البرلمانية، وفي ظل غياب الارادة السياسية التي توازن بين متطلبات بقاء النظام، والحفاظ على مصالح الشعب استفحلت في العشرية الاخيرة عمليات استغلال السلطة والوصول بها الى المكتسبات الفردية، والمتعلقة بالطبقة السياسية التي انشأها النظام ، وعمل من خلالها.
ووصلنا الى ازمة حقيقية تتهدد بقاء صيغة النظام الراهنة، وهي ذاتها الحالة التي وصلتها بقية الانظمة في الاقليم العربي، والتي غلبت مصالح الحكام والمتنفذين على مصالح سائر افراد الشعب، وكانت تستأثر بالسلطة وتمنع تقاسمها في ضوء حالة ديموقراطية ، وكانت تعتمد على القمع، واستخدام القبضة الامنية في البقاء. ومع تطور وسائل الاتصال، وخروج اجيال عربية كانت الاقرب الى كسر حاجز السلطة بفعل ثقافتها التي تحصلت من خلال تواصلها مع الثقافة الانسانية المتحررة من الخوف، وعدم قدرة الانظمة المستبدة على عزلها عن مجريات العالم وقع الاقليم العربي برمته في مواجهة التغيير الذي وقف على ابوابه زهاء قرون من الزمان، وكان هذا نذير انهيار الحالة السياسية العربية التي لم تعتمد على ارادة الشعوب، وزادت في معاناتها، وعملت على الضد من حقوقها، وطموحاتها المشروعة وتطلعاتها الداخلية والخارجية.
ازمة النظام الاردني تمثلت في الاستعصاء وعدم السماح بظهور حالة شعبية، او جهة تكون قادرة على ممارسة الحكم وبالتالي تحمل مسؤولية السياسات، والتي بقيت تصدر عن حكومات معينة لا تستطيع ان تفرض ولايتها العامة مما اعاد مسؤولية هذه السياسات على النظام السياسي نفسه.
وقد رأينا نشطاء الحراك الشعبي وهم يوجهون اصابع الاتهام للنظام نفسه على خلفية السياسات التي اوصلت الشعب الاردني الى حدود الافقار والانفجار، واضعفت مشاعره الوطنية. وساهمت في تراجع التنمية، وزيادة المديونية ووصولها الى ارقام فلكية يرافقها تكون حالة من الفساد غير مسبوقة افضت الى بيع المؤسسات العامة، وضياع اصول الدولة، والاستيلاء على اراضي الخزينة، وبرز ان الحالة الشعبية هي الاقدر على اعادة توجيه بوصلة الدولة السياسية، وقد بدا ان النظام الذي كان يعد عامود التوازن في الاردن يفقد حياديته ويصبح خصما لجهة من الاردنين لصالح جهة اخرى، وصار يحمل مسؤولية سوء السياسات التي مورست، وفي المقابل يدفع النظام بعدم وجود جهة شعبية مؤهلة لممارسة عملية الحكم، واستحالة تبلورها في البرلمان ليصار الى تشكيل حكومة برلمانية تعود بمسؤولية سياساتها على الشعب نفسه بدلا من النظام، ولو صح ذلك لكان مرده الى ما تعرضت له القوى الشعبية وحتى الاجتماعية من تمزيق وتوهين بفعل القوانين والسياسات ، ناهيك عن المطاردات الامنية، والتضيق في سبل العيش، والاختراقات الامنية التي افضت الى تحجيم الحياة الحزبية في الاردن، اللهم الا من حزب واحد على ابعد تقدير واستبدالها بالصالونات السياسية ، والتي ما تزال تمارس دور النميمة السياسية، واثارة الاشاعات، والنعرات.
خلو الحياة العامة من اهداف كبرى، وابعاد النشء عن الاهتمامات السياسية، والثقافية افضت الى زيادة حدة التوتر المجتمعي، وانقلاب حواضن الفكر والمعرفة الى مسارح للتدافع العشائري، واستعادة روح الغزوة في ميادين العلم والمعرفة، وكأننا ننقلب على تحضرنا.
واليوم يقف النظام عاجزا عن اتخاذ قراره في الاصلاح، ورغم ان القوى السياسية التي كانت موضع استهداف في المراحل السابقة فضلت فصل مسار الاردن عن مجريات الاقليم العربي خوفا من تفجير الصيغة السياسية القائمة لصالح تلك التي ترغب بها القوى الاستعمارية التي استغلت الاوضاع المضطربة في المنطقة ، واخذت تجير الربيع العربي لصالح تحقيق اهدافها.
النظام الاردني يواجه حالة شعبية متفاقمة، وعدم الرضى من بقاء الصيغة القديمة في الحكم، ووجود فساد دمر سمعة المؤسسات، وافقد المواطن الثقة في العملية السياسية برمتها، وهنالك اتهامات طالت العائلة المالكة، وكذلك تفاقم الحالة الاقتصادية التي مردها الى عدم التوازن بين موارد الدولة وامكانية تطويرها ، والبذخ في الانفاق، وليس ادل على خطورة الحال من ان المملكة قد تواجه الخطر الجسيم في ظل توقف وصول المساعدات العربية، والاجنبية اليها، وكأن الدولة باتت رهينة هذه المساعدات، وقد تصل الى حد العجز عن دفع رواتب موظفيها، وقد رافق هذا الخلل الابقاء على مكاسب وامتيازات الطبقة السياسية، والمس فقط بحقوق افراد الشعب، وصغار الموظفين وابقاء الحل في خفض عجز الموازنة على حساب جيبة المواطن، وحتى حقبة الفساد، والاستيلاء على المال العام فقد بقيت بعيدة عن المساءلة.
وكل ذلك يضع النظام الاردني امام امتحان امكانية الحفاظ على الامن والاستقرار، ويجعله مدفوعا نحو الاصلاح الحقيقي الذي يعيد السلطة الى الشعب كي يمارس حكم نفسه بنفسه، وتقليص الصلاحيات التي يهيمن بها النظام السياسي على السلطات حفاظا على مستقبل النظام الذي يواجه ذات الخطر الذي مس بانظمة المنطقة، وادى الى سقوط بعضها، وبعضها الاخر ما زال ينتظر دوره.
بقي ان اعرج على الحالة العربية بشيء من الاجمال حيث لم يكن النظام العربي المنفلت من عقال الشرعية ليفلت من محطة حساب تاريخية كبرى كانت تنتظره على بوابة الايام، وكان من الواضح ان المنطقة استكملت شروط انفجارها، وقد خالفت النظم قاعدة المواءمة بين متطلبات بقاء النظم، ومطالب الشعوب، وقد وصلت الحالة العربية حد الانفجار، ولم تعد اساليب الحكم القديمة تنطلي على الانسان العربي، وما عادت قادرة على المواصلة في ظل تبدل الزمن، وتغير معطيات الحياة، الا ان المتفحص للحالة العربية لا يخطئ وجود مشروع غربي تقاطع وجوده مع تدفق الربيع العربي.
وقد سبق تنفيذ المشروع الغربي اندفاع الربيع العربي حيث السعي الغربي المحموم الى تدمير مصادر القوة العربية، والاخلال بموازين القوى في المنطقة لصالح اسرائيل، وكانت التجربة الاولى على هذا الصعيد وقعت في العراق الذي جرى تحويله الى بلد طائفي، واخراجه من موازين القوى بتدمير قواته المسلحة، ونواة صناعاته العسكرية غير التقليدية، والحاقه بالدول الفاشلة.
وكان التغير الذي يحظى بدعم بدعم غربي يظهر بشكلين في المنطقة، ويتمثلان باسقاط انظمة الجمهوريات العربية الموالية للغرب لانتهاء صلاحيتها ، وعدم قدرتها على مواجهة الثورات الشعبية، والشكل الثاني يتمثل بتدمير مقومات الجمهوريات العربية التي استقر في بنيانها السياسي والثقافي الفكر القومي، بحيث يصار لاسقاط الدولة ذاتها، وليس اسقاط النظام، ويتم العمل على خلق حالة قوى متصارعة فوق ارضها وصولا الى تدميرها واعادة تقسيمها وربما تقاسمها كما جرى في سوريا وليبيا، في حين ان هنالك امتناعا غربيا عن دعم العربي في الممالك العربية، وهي الشكل الاكثر تقليدية للانظمة السياسية وخاصة ممالك الخليج العربي.
الا ان اخطر ما جرى تمثل بخلو الربيع العربي من فلسفة الثورة، وفلاسفتها، ومن وجود معاميل فكرية موجهة لبوصلتها، ولكي تسود بعد ذلك انظمة تستمد قوتها من افكار المفكرين، ونظرات الفلاسفة الثاقبة.
فبدا ان ما جرى على الوجه الحقيقي لم يكن سقوط النظام، وانما تجاوزه الى سقوط النظام العام، وهو جملة القوانين والانظمة التي تحكم بقعة ما، وظهرت حالة شعبية عربية ترفض الانضواء تحت أي قانون او نظام.
فسقوط النظام غير الشرعي امر حتمي ومطلوب، ولكن النظام العام ينذر سقوطه بسقوط حقوق الافراد ، وحرياتهم، ولا مهرب لجماعة بشرية من ان تسود حياتها القوانين والانظمة. وربما ان ذلك ايضا يتقاطع مع مفهوم الفوضى الخلاقة التي سعى الغرب الى تحقيقها في اطار الاقليم العربي بعد سقوط الانظمة.
لا شك ان الربيع العربي جاء بعد مراحل تشوه سياسي مضى عليها عدة قرون في المنطقة العربية، وهو يعمل على اصلاحها، وسيتعرض الى الانتكاسات مرارا غير ان التغيير طرق ابواب العرب، ووقع ولا مناص من التعامل الجدي معه لاي نظام يجد ان له فرصة في الاستمرارية والبقاء.
شكرا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
النائب علي السنيد