عمون – محمد الخوالدة - غيّب الموت بعد زهاء 80 عاماً الحاج شحادة رشدي السايق (ابو زياد)، الذي برحيله فقد سوق الكرك الرئيسي او (شارع اصف) كما كان يسمى ابان الحكم العثماني في المنطقة واحدا من اقدم الوجوه الخيرة التي عايشت هذا السوق عبر محطات تاريخية متعددة.

فشحادة السائق رحمة الله عليه هو ابن المرحوم الحاج رشدى السايق الدمشقي المولد الاردني الهوى والذي اسس تجارته في ذلك السوق في العام 1903 ليرثها من بعده وبكل ما كانت تحمل من ذكريات طيبة الماضي وعفويته ابنه الراحل ابو زياد الذي استمر في اشغال ذات الدكان وبذات البناء محافظا على بعض ماورثه في الدكان من اثاث وتجهيزات حتى رحيله في الخامس من هذا الشهر.

يظهر ان سوق الكرك الرئيسي بدأ بالتحلل من ارثه التاريخي شيئا فشيئا فوفاة ابو عادل عكاش صاحب اقدم مطعم في السوق اياه وهو مطعم عكاش الذي يعود تاريخه لبدايات القرن الماضي ادت الى اغلاق هذا المطعم بعد ان غادر ابناء المرحوم عكاش المهنة، وهنا لا نعرف من نلوم، أنلوم الابناء الذي كان ينبغي ان تتكاتف جهودهم وفاء لذكرى ابيهم الذي امضى عمره في ادارة المطعم ام على وزارة السياحة التي كان يجدر بها ان تقدم لهؤلاء الابناء الدعم والاسناد المادي والمعنوي لادامة مطعم عكاش الذي يحتل حيزا كبيرا من الذاكرة الشعبية الكركية تماما كما هي دكانة ابو زياد التي نخشى ان تغلق لذات السبب.

واذا كانت "عمون" سبق واتت بتقارير مفصلة عن دكانة ابو زياد وعن مطعم عكاش فلاي منع من باب التذكير وليقرأ من لم يقرأ انذاك ان نعرض وبايجاز بعض ما كان قد كتب عن هذين الرمزين.

فمطعم عكاش المواجه لدكانة ابو زياد انشىء كما ذكرنا في بدايات القرن الماضي حيث كان المطعم الوحيد في الكرك وحينها لم يكن المطعم بهذا الاسم بل كان يسمى بتكنية صاحبه ب"العشي"، وطل مطعم عكاش قائما حتى اغلاقة قبل بضع سنوات. لم يكن في المطعم مطبخا خلفيا، بل كانت الوجبات تظهى على مراى من الزبون، فيما كانت صور بعض قدامى الحكام العرب معلقة على جدران المطعم، وظل صاحب المطعم رحمه الله محافظا على الكثير من مقتنيات المطعم من طاولات وكراس، فيما تصطف على رفوف في المطعم مطربانا ت او "اطرميزات" وفق التسمية القديمة، وكانت بعض تلك المطربانات تحتوى على بعض المكونات الغذائية التي استخدمت في المطعم قديما مثل سكر "الداش" وهو سكر على شكل مكعبات وغيره من المكونات.

تذوق طبيخ ابو عادل عكاش كل من شغلوا وظائف عامة في الكرك سواء من رجالات الكرك او من خارجها، فيما كان يؤمه كل ابناء منطقة الكرك ممن يفدون الى المدينة لقضاء حوائجهم لدى الدوائر الحكومية او لغير ذلك.
اما ابو زياد رحمه الله فقد كان يحتفظ بدكانه ببعض الاثاث والتجهيزات التي ورثها بعد وفاة والده ولاسيما الرفوف الخشبية التي توضع عليها البضائع والتي صنعها اقدم نجار في منطقة الكرك المرحوم حمدي الترك لتظل شاهد عيان لزمن انقضى بكل سماحة الناس وتحابهم غير المشروط.

اما البضائع الاشهر تداولا في السوق انذاك فقال ابو زياد في اللقاء اياه انها الاقمشة وانواع من الحلوى ومنها الحامض حلو والكعكبان والراحة الشامية المعطره وتوفي ابو شعر، اما السكر فكان يباع باشكال هندسية، المخروط وسكر الداش، كما كان التجار يبيعون السمن والجميد البلديين، اما اشهر الاقمشة فقال انها قماش ابيض كان يسمى (الوطن العربي) وتصنع منه ثياب الرجال وكان اغلى انواع القماش هو الذي تخيط منه المراة الكركية (ثوب العب) و(المدرقة) ومنه (الحبر والحرير) وعلامتهما التجارية (عبدالفتاح باشا وابو ورقه زرقى) وارخص قماش كان (الدبيه)، كما كان التجار يبيعون ايضا الدخان الهيشي الذي كان يسمى بالدخان العربي، اما السجائر المصنعة التي كانت تباع فذكر منها ( الاتومان) وتحوى العلبة التي كانت تسمى ب(الصفط) 52 سيجارة ودخان (النجاح) و(التطلي سرد) و(السبورت) وتحوي العلبة 20 سيجارة.