في السؤال .. ما هو معنى الإخلاص
08-04-2013 08:23 PM
لقد حيرني معنى كلمة الإخلاص ؛ فأمعنت في البحث فيه حتى إرتويت فوجدته. وهو أولا وقبل كل شيء : حب شخص أو وطن أو مجموعة من الناس أو هدف من الأهداف ؛ فعرفت لماذا إخلاصي إلى جلالة سيدنا مليكنا العظيم وإلى أردننا الحبيب .
مفهوم الإخلاص قبل الإسلام
الإخلاص كلمة يسيرة في صيغتها كبيرة في معناها ؛ فهي لا تحصل إلا لمن اجتمعت فيه صفة الحب للشيء المكلف به ، إذ عندها يتحلى الإنسان بالإتقان وحسن الأداء - اللذان هما ثمرتا الإخلاص الحقيقي . ويقال أخلص الشيء أي أصفاه ونقاه فأخلص لله . وكذلك..تخالص القوم ؛ أي تصافوا ، وغيرها من المعاني العديدة التي تأخذ من معنى كلمة الإخلاص ومشتقاتها ، فهي وإن تعددت في جملتها إلا أنها تلتقى معا في خلاصة واحدة تتفق فيها "النقاء والصفاء وتوجيه طاقة النفس وتسخير جميع قدراتها الظاهرة والكامنة نحو العمل المطلوب بعيدا عن مظاهر الرياء أو البغي.
لقد إختلف العلماء في معنى الإخلاص ولمن يكون الإخلاص ؛ فمنهم من قال أن الإخلاص يمكن أن يكون لمختلف الأهداف ؛ بينما علماء آخرين ناقشوا بأن الإخلاص لا يكون إلا لشخص آخر؛ وفي ذلك يحدد الإخلاص بين الناس ؛ ومثال ذلك ، بين المواطنين.
لقد تباينت إيضاحات الإخلاص بين مختلف علماء الدين ؛ وعلماء الإقتصاد ؛ وأساتذة العلوم ؛ وعلماء التسويق ؛ وعلماء السياسة ؛ خاصة علماء الوطنية والقبلية والعائله. وقد أعلنوا جميعا دون إختلاف مهما كان ؛ أن الإخلاص موقفا ضروريا في أي نظام إنساني ؛ أو حضاري أو سياسي ؛ أو معنوي. كما يعني الصداقة والمحافظة على القيم الخلقيه والإنسانيه.
إن روح بل قلب الإخلاص هو الفضيله . وهو الواجب الرئيس الأعلى بين جميع الواجبات الإنسانية والعشائرية والوطنيه. والإخلاص لهدف من الأهداف يجب أن يكون معقولا ، مفهوما ، ولا يمكن أن يكون فرديا شخصيا. ذلك لأنه يجب أن يشكل إتحادا نفسيا لجميع من يهدفون إليه.
الإخلاص حالة نفسية وجدانية راضية مرضيه ؛ لأنه ينطلق بحرية تامة ؛ ولا يمكن أن يكون مفروضا أو مأمورا بقانون أو نظام أو أوامر
ألإخلاص يمنح الإنسان الذي يؤمن به المصداقية ؛ والعدالة ؛ والإفادة ؛ وحسن المجاملة حتى في العلاقات الإقتصادية والرسمية والقبلية والعشائرية والحزبيه.
ويشمل الإخلاص مفاهيم المباديء ؛ والأهداف ؛ والنظريات ؛ والقيم ؛ والأديان ؛ والعقائد ؛ والدول ؛ والأوطان ؛ والحكومات ؛ والقاده ؛ والعائلات ؛ والأصدقاء ؛ والأقاليم ؛ والطوائف ؛ وبكل تأكيد ممكن أي شيء أو حال أو موقف يكون الإنسان محبا له ؛ خاصة في الأعمال الصالحة.
الإخلاص مانع لحب الشهوات المحرمة؛وكل متاعات الدنيا الممنوعه؛ وغلظة القلوب ؛ والعنف ضد الناس والأنعام والأرض وما عليها من مؤسسات مدنية ورسميه ؛ خصوصا ضد المشاجرات والمظاهرات العنيفه التي تصيب المشاركين والأبرياء ؛ وكل ما يضر الوطن والمواطنين ؛ كما حدث أخيرا في إحدى الجامعات .
مفهوم الإخلاص في الإسلام
كانت كل تلك المفاهيم قبل الإسلام . وجاء الإسلام الحنيف يوضح مفاهيم الإصلاح بآيات كريمه ذكرت كلمات الإصلاح فيها ماتين مره. وقد فرق الباري عز وجل بين الإصلاح والفساد بقوله تعالى (( والله يعلم المصلح من المفسد ))، وقوله مخاطباً فرعون (( إنْ تريد إلا أن تكون جباراً في الأرض، وما تريد أن تكون من المصلحين )) ؛ وبالتالي فان مفهوم الإصلاح ليس جديداً في العقل العربي – الإسلامي، بل هو مفهوم قديم لم يبدأ بظهور الأفكار والتيارات الإصلاحية في القرن الماضي أو المبادرات الإصلاحية في الوقت الراهن، فالدعوة إلى الإصلاح بدأت قديماً في الدولة الإسلامية.
وقوبل في القرآن الكريم تارة بالفساد وتارة بالسيئة، حيث قال تعالى ((خَلَطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً * ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها * والذين آمنوا وعملوا الصالحات)).
كما قال: (( إلإ الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله ))
وقال (( لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عظِيمًا ))
وقال تعالى للنساء: ((وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ ورَسُولِهِ وتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً))
وقوله تعالى (( وإن طائفتان من المؤمنين إقتتلوا فأصلحوا بينهم بالعدل)) وقوله تعالى ((ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم ))
وقوله تعالى (( إنما المؤمنين إخوه فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ))
وقال: (( فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ))
ومع التوبة قال تعالى : (( إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ))
وقال: (( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ))
للإخلاص ثلاث مواقف للإخلاص: الأول : إخلاص العقيدة لله جل وعلا ؛ والثاني: تحول الإنسان المُـخْلِص في العقيدة والعبادة إلى إنسان مُـخْـلَـص نقي في سلوكياته خلال حياته ، وهذا هو الإنسان الصالح لدخول الجنة؛ أما الخطوة الثالثة : فينتظر هذا الإنسان في الجنة كل ما كان يتمناه أو يشتهيه في الدنيا من نعم وزينة لكنها نعم وطيبات خالصة أيضا لتتناسب مع طبيعته كمخلوق عاش ومات مُـخْـلِـصَا و مُـخْـلَـصَا. والله أعلم