ماذا يعرف البسطاء عن شؤون الدولة العليا
عبدالله العتوم
08-04-2013 01:41 PM
عمون - فقدان الذاكرة... وصف طبي يطلق على فئة من كبار السن أو متوسطي الأعمار، أو على قادة كبار مارسوا القيادة والحكم وشاهدوا خلال مسيرة حياتهم الأهوال الداخلية والخارجية، وصنوفاً شتى من المطالب والشكاوى والتظلم فلم يعد الدماغ قادراً على الاستيعاب فأصيبوا بفقدان الذاكرة (الزهايمر).
وبالمقابل هناك نظرية يدعيها خبثاء، إما تواضعاً أو شكوى من أوضاع وصلوا إليها، أو تهميش لأدوار قاموا بها في الحياة العامة وتقاعدوا ولم يعد يلتفت إليهم أحد، وغاب عنهم سيارات حكومية تقلهم، وسواقون لخدمتهم ومؤتمرات يسافرون إليها في الخارج، فأطلقوا مقولة "نعمة النسيان" للفت النظر إليهم بأنهم مازالوا هنا... أو موجودون.
وفي النظرية يظهر لنا قادة جاءوا إلى الحكم بالوراثة أو بانقلاب عسكري، أو إلتفاف على رفاق ثورة أو حكم، فيرمي أحدهم خصمه في السجن ويتولى الحكم... ويتساءل الناس "ماذا يعرف هؤلاء البسطاء عن شؤون الدولة العليا أو شؤون الحكم" أو فرض ستار حديدي لا يدخله إعلام أو صحافة لتتحدث لنا عما يجري في الداخل، وغياب حرية شعب لا ينطق، ولا حاقدين أو جواسيس يتحدثون للغارديان البريطانية، ولا للتايمز أو الواشنطن بوست، عن أوضاع بلدانهم الداخلية، والأهم من كل هذا أنهم لا يتظاهرون أو يضربون عن العمل، والسفراء والسفارات في بلدانهم لا تعقد الندوات أو تمنح تمويلا أجنبيا لمراكز دراسات حتى يطلعوا على حيثيات أو سياسات تمارس هناك... لأن الستار الحديدي المفروض على البلد لا زال قائما.
اليوم يرتفع حدث كبير ضخم، يطفو على سطح العالم بأكمله، يتجاوز تصريحات ميشيل أوباما "الأم العازبة" ويتجاوز مقولة الرئيس الأمريكي عن وزيرة العدل بأنها الجميلة، أو الأكثر جمالا على الإطلاق، إنه الزعيم الكوري الشمالي "كيم جونغ-أون" الشاب الوريث الذي يهدد بحرب كونية مدمرة، يتحدى الولايات المتحدة واليابان المملوءة بالقواعد الأمريكية والصواريخ البالستية وطائرات الشبح وكوريا الجنوبية.
هذا الشاب شيوعي أطلع على أدبيات "لينين وستالين وماوتسي تونغ" "إن في الصين غبارا كثيرا من عهود الاستغلال ينبغي تكنيسه" والشاعر الروسي "أيسنين" الذي قال إن شعري لم يعد ضروريا في هذه المرحلة، وقرأ لـ "تروتسكي" عندما قال "من يتزلف شعارات الخصم لا يستطيع أن ينتصر عليه، وبالتأكيد قرأ رواية "الدون الهادئ" لشو لوخوف الحاصل على جائزة نوبل، في أحد فصولها يقول: حاربوا من أجل الوطن.
بعد الحرب العالمية الثانية قسمت ألمانيا وكوريا وفيتنام، وفرض حكما على هذه البلدان تميز بالرعب والاضطهاد والاستبداد وتم إزالة الإزدواج في شخصية الأمم باستثناء كوريا الشمالية والجنوبية، وبالتأكيد أنه مؤلف أو كاتب ولا يخطئ بالقواعد والإملاء، فقرأ للكاتب السوفياتي "إيليا أهر نبورغ" عام 1954 "إزالة الجليد"، أو أطلع على سياسات خروشوف بعد وصوله للحكم عن "معركة الفوق".
كيم جونغ-أون... هذا الشاب الذي تعاني بلاده من الحصار الاقتصادي والفقر والجوع، حمل الدولة بين يديه وقرر غزو الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، وتقمص نظرية ستالين التي نقلها "إيزاك دوكشير" الروسي في كتابه، إن ستالين قرر طرد البربرية من روسيا بوسائل بربرية.
متفائلون يقولون إن الزعيم الكوري يقوم بمجازفة كبيرة للخروج من الأزمة باستعراض قوة ينقذ ماء الوجه... نتمنى ذلك.