يسكنني عرار والمتنبي
الشعر وحده لا يطعم خبزا!** آيه الخوالده

حيدر محمود شاعر تغنى بعمان ومدن الاردن وقراها, التي يشتاق اليها دوما حتى يقول: عدت إليك يا عمان
يا جرحي..
ويا.. رمحي
ويا خبزي,
ويا ملحي..
فمدي لي يديك, ومرّغي وجهي
بتربتك السماوية...
وردي لي ولو بعض الهوى,
فلقد وقفت عليك هواي..
لنا هذا اللقاء مع وزير الثقافة الاسبق.

* ما هي اول قصيدة شعرية كتبتها وما هي اللحظة الزمنية التي تخطفك الى عالم كتابة الاشعار؟
- من الصعب على اي شاعر تحديد القصيدة الاولى, لان الكتابات الاولى تأخذ في العادة, شكل المحاولات والتجريب.. وصولا الى اقتناع الشاعر بنفسه واقتناع الآخرين به.. وحتى هذه اللحظة ما زلنا نحاول!
اما عن اللحظة التي تدخلني الى عالم القصيدة فهي ليست زمانية ولا مكانية.. انها لحظة الدخول في منطقة الروح التي لا يستطيع اي شاعر تحديدها.. باعتبارها تدخل في المطلق.
* انت شاعر مبدع, لماذا تخطفك الوظائف الرسمية دائما؟
- من قال ان الوظيفة تخطفني؟ احيلك الى قصائدي كلها لتري ان الشعر هو وحده المسيطر عليّ لكن الشاعر يحتاج الى الرغيف - كسائر البشر - فهو ليس كائنا قائما بذاته.. والشعر وحده - خاصة عندنا - لا يطعم خبزا!
* هل تعتقد ان الشاعر حيدر محمود اخذ فرصته كشاعر؟
- للفرصة معان مختلفة.. اذا كان القصد ان حيدر محمود معترف به كشاعر فالجواب نعم.. وقد قدمت اوراق اعتمادي له منذ الديوان الاول, واذا كان القصد نقديا.. فلي انا شخصيا موقفي المعروف من النقد, وهو ان الشعر اهم من اي كلام آخر.. مع الاحترام للنقاد.. ولاسبابهم المختلفة.. ويكفي ان يقرأ قصائدي الناس العاديون وان يحفظوها وان يقولوا لي ولو مرة واحدة: شكرا.. وهذا ما يحدث في العادة.. ولا بد لي ان اشكر عددا من النقاد الاردنيين الذين بدأوا في السنوات الاخيرة ينتبهون الى "تجربتي" ويقولوا رأيهم فيها.. وهم كثر.. ولا اعاتب الآخرين على مواقفهم لان اجنداتهم معروفة لدي, ولا يهمني كثيرا ان يكتبوا عني اولا يكتبوا!
* عملت في الاعلام والسياسة والسلك الدبلوماسي والوزاري, اين وجدت نفسك اكثر؟
- لكل واحدة من هذه المجالات القها وسحرها وادواتها ولا توجد في الدنيا وظيفة اسمها الشعر.. غير ان الشاعر الجيد يمكن ان يعمل في اي وظيفة اذا كانت تناسبه.. هناك شعراء اطباء او مهندسون او معلمون.. او صحافيون فلم لا يكون منهم السياسي "المعنى الوظيفي الذي تقصدين" او الدبلوماسي او الوزير او غيره؟ على ان الشعر يظل وحده السيد المبجل في نهاية المطاف!
* ما مدى تأثرك بالشاعر عرار وهل تحمل طموح المتنبي في الولاية؟
- يسكنني عرار كما يسكنني المتنبي وغيرهما.. لكن التجربة عند كل شاعر تختلف عنها عند الاخر.. اما بالنسبة للطموح فارجو ان اوضح ان المتنبي لم يكن يطلب الولاية بمعناها المتعارف عليه الان.. وهوان يصبح وزيرا او مديرا او وكيل وزارة.. انها امر ابعد بكثير مما نظن: المتنبي كان وما يزال يريد ولاية الامر, واظن ان هذا التعبير مفهوم ولا داعي للخوض في التفاصيل.. فالمتنبي اكبر بكثير مما نعتقد وهو لم يكن مجرد شاعر قال كلمته ومضى!
* اين موقعك في صفوف الشعراء الرواد؟
- قصة الريادة معقدة وشائكة.. ولها هي الاخرى دلالات كثيرة.. لكنني اظن - والعهدة عليّ وحدي - ان لي موقعا لا بأس به بين شعراء جيلي على الصعيدين المحلي والعربي.. وهذا يظهر جليا في ادائي الشعري "محليا وعربيا" والحفاوة الشعرية الخاصة التي تقابلني بها المحافل التي لها بالشعر علاقة "هنا وفي الخارج"... ولا اشكو من شيء!
* ما مدى تأثير السياسة والجغرافيا في شعرك؟
- تأثير السياسة كبير عليّ وعلى غيري من الشعراء العرب منذ كان الشعر. لكنه اكبر في هذا الزمان الذي يشتغل فيه كل الناس بالسياسة.. وليس الشعراء فقط.. وكذلك الجغرافيا فنحن بشر مؤطرون بالجهات الاربع, والفرق الوحيد المهم هو"منطقة الروح" التي منها يجيء الشعر.
* من خلال موقعك كمستشار لرئيس الحكومة, ما مدى قدرتك على دعم الحركة الثقافية؟
- من الطبيعي ان اكون مسكونا بهم الحركة الثقافية الاردنية والعربية وحتى الانسانية.. وفي اي موقع كنت, لا بد من ان يكون ثمة اهتمام بالمثقفين والمبدعين واظن ان الدولة: سواء عبر مؤسساتها الرسمية او الاهلية معنية بهذا الامر.. كل العناية لكننا نطلب المزيد دائما.
* ما تقييمك للحركة الثقافية في الاردن, وهل هناك حركة نقدية حقيقية؟
- الحركة الثقافية في الاردن في الطليعة بالنسبة للحركة الثقافية العربية: مثقفون ومبدعون - على اختلاف اطيافهم - وهم جميعا حاضرون بقوة في العالم العربي وان كان ثمة نقص حاد في مسألة "صناعة النجوم" واعتقد ان هذه العقدة لا تحل الا بالتدريج او بمعنى ادق بالتراكم والمتابعة.
اما بالنسبة للحركة النقدية.. فأسمح لنفسي بالقول: انها ما تزال خجولة ومترددة وتحتاج الى زمن قد يكون اطول مما نتوقع!
عن العرب اليوم