(جون كيري) يُصدر أوامره من بغداد .. !
عودة عودة
06-04-2013 07:22 PM
في مثل هذه الأيام كان الإنسحاب الأميركي و كما اعلنته واشنطن انه قد تم من العراق بعد ثماني سنوات من الإحتلال الكريه , قيل الكثير من الكلام المنمق و الجميل في وصف هذه اللحظة التاريخية و المتمثلة في ( الهزيمة ) لأعظم دولة في العالم و قيل كلام آخر : أن الشعب العراقي قد ملك قراره التام في مصير بلاده و قيل غير ذلك مثل : أن هذا الإنسحاب كان منقوصاً و أن السفارة الأمريكية المتربعة على مساحة شاسعة في المنطقة الخضراء هي التي تحكم و نوري المالكي و حزبه ما عليهم إلا التنفيذ و كأن السيد بريمر الحاكم الأميركي للعراق لا يزال موجوداً .
و في جزء من المشهد الإحتلالي المستمر للعراق هبط في مطار بغداد قبل أيام وزير الخارجية الأمريكي الجديد ( جون كيري ) , لا بد أن أجواءها الربيعية الدافئة و الجميلة قد أغبطته , كثير من القرارات قد طرحها و بصيغة الأمر على حكام العراق الجدد الذين لم يقولوا لا أو لعم , كل ما قالوه هو نعم ..!
أوامر كيري نُشر بعضها و حُجب البعض الآخر من وزير خارجية أعظم دولة في العالم و تملك الحرية أيضاً .. , ما يهمني في هذه العُجالة الصحفية و بمناسبة الذكرى السنوية الثانية للإنسحاب الأمريكي المنقوص من العراق إصدار جون كيري أوامره الى السيد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي و المتمثلة بمنع وصول أية مساعدات الى الحكومة السورية جواً و براً و أن يكون التدقيق أوسع و أدق في المطار و المعابر الحدودية و كل ذلك يوحي بأن العراق ما تزال دولة محتلة ..!
في هذه الذكرى التي استشهد فيها أكثر من مليون و نصف مليون عراقي و تهجير أكثر من خمسة ملايين و سرقة بترواه و ثرواته و تقسيم ترابه الوطني و حل جيشه و إعدام رئيسه و كبار قادته .. لا بأس أن نسترجع تهديدات (جيمس بيكر) وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق قبل حرب العام 91 من القرن الماضي : بإعادة العراق الى عصر ما قبل الصناعة .. فالعراق الشقيق ومنذ تلك الأيام وحتى الآن دولة لم تعد الى ما قبل عهد الصناعة فحسب فهو يأتي في المركز 127 في النمو الإقتصادي وتعلوه (الصومال!!) وجميع الدول العربية , وحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية فالعراق أكثر الدول العربية فساداً وعنصرية ً وتطرفاً وتشدداً وأكثر مذهبية وطائفية وقد طُمست هويته العربية الحقيقية وكل ذلك من صُنع الإحتلال وأعوانه..
فوق ذلك فالعراق دولة تبدو (كسيحة) تماماً , ووفق تصريحات كبار المسؤولين العسكريين الأميركيين والذين أكدوا وفي تصريحات صحفية أن سماء وحدود العراق ستكونان غير محميتين و(منتهكتين) حتى العام 2024 على الأقل وهذا يفرح اسرائيل أولاً التي طالما دفعت واشنطن لهذا الغزو وبكذبة لم يصدقها أحد حتى مخترعوها وعلى رأسهم الجنرال كولن باول نفسه.
حقاً.. ان الولايات المتحدة دفعت ثمناً باهظاً لنرجسيتها المفرطة في غزوها للعراق واحتلالها له.. فقيمة هذه الفاتورة ثلاثة تريليونات دولار أميركي وأربعة آلاف قتيل وأكثر من ثلاثين ألف مصاب بدنياً ونفسياً... لكن خسارة العراق كانت كبيرة وفادحة: فجيشه الوطني قد حُل كما حُلت مؤسساته الوطنية ونُهبت متاحفه ومصارفه وأُعدم رئيسه وقياداته إضافة الى استشهاد أكثر من مليون ونصف مليون عراقي معظمهم من المدنيين وتهجير أكثر من خمسة ملايين خارج العراق وسرقة بتروله وثرواته الوطنية وتقسيم ترابه حتى صار ما يشبه لعبة الدمينو..
بالخلاصة.. إن وعد الرئيس الأميركي باراك أوباما في دورته الرئاسية الأولى بأن القوات الأميركية ستنسحب من العراق بحلول نهاية العام 2011 هو ( وعد منقوص ) أي أن حدود وسماء العراق ستكون تحت السيطرة للطائرات الحربية الأميركية ولسنوات قادمة غير محددة مستمرة في طلعاتها عليه كما أن زيارات المسؤوليين الرسميين الأمريكيين مستمرة و قراراتها مستمرة و باللهجة الآمرة نفسها و كأن بريمر الحاكم الأمريكي للعراق ما زال يحكم في بغداد ..!!
Odeha_odeha@yahoo.com