تتزايد نسبة الاصابة بمرض "الضغط" بمعدلات قياسية بين الأردنيين خلال السنوات الأخيرة، وهذا ما يؤهله لأن يكون "القاتل الصامت" رقم واحد بين الأمراض المستعصية الأخرى التي قد تؤدي الى حتف الانسان مع أن الأعمار بيد الله، واذا ما كانت العوامل المسببة له مباشرة لا تزال تحير علماء الطب لغاية الآن حيث ان معظمها لا يزال مجهولا، الا أن انتشاره على نحو واسع بين فئة الشباب التي يفترض أنها بعيدة عنه اجمالا يدعو الى البحث عما وراء تلك الظاهرة المرضية المؤرقة.!

أحدث دراسة أجراها المركز الوطني للسكري عن عام 2011م دلت على أن معدل الاصابة بمرض ضغط الشرايين قد ارتفع لمن هم فوق سن خمس وعشرين سنة بين الذكور من 26% عام 2006م الى 54% عام 2011م قبل الماضي، أي أنه زاد على الضعف تماما خلال خمس سنوات فقط لا غير، في حين ارتفع بين النساء خلال الفترة ذاتها من 21.5% الى 39.8% ما يمكن اعتباره خطرا ماثلا للعيان يهدد حياة المواطنين.!

يتطابق ذلك تماما مع وثيقة "نتائج تقديرات انتشار الأمراض بين الشباب" التي اعدها المجلس الأعلى للسكان مؤخرا بالتعاون مع الشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية وبنيت على نتائج الدراسة التي سبق وان أعدتها وزارة الصحة عام 2007م، ان التوقعات تشير الى اصابة حوالي مئة وثمانية عشر ألف مواطن بضغط الدم بين الشباب من عمر ثماني عشرة الى أربع وثلاثين سنة مع حلول عام 2030م، ما يستدعي البحث مطولا في مختلف المؤثرات التي تقف وراء ذلك بعيدا عن العامل الصحي وحده.!

يبدو أن التوترات التي يشهدها المجتمع الأردني على أكثر من صعيد لا يمكن أن تكون بعيدة عن تعاظم الاصابات بمرض الضغط الذي يسمى "التوتر الشرياني" أيضا، فما نكاد ننتهي من مشكلة ترهق الاعصاب وتستفز المشاعر على المستويين الشخصي والعام معا حتى يبرز غيرها على نحو متوقع أو مفاجئ أحيانا، مع أن الكثير منها في انتظار الحلول والمعالجات الفاعلة منذ زمن بعيد الا أنها تبقى تضغط على الاعصاب من دون رحمة لتؤدي الى ازمات تعصف بالقلوب التي لم تعد تحتمل المزيد.!

صحيح أن الأردن كغيره من دول العالم الأخرى التي تعاني من الارتفاعات المتواصلة في أعداد مرضى ضغط الدم، حسب ما تؤكد منظمة الصحة العالمية في بيان أصدرته قبل أيام تبين فيه أنه يؤثر في الوضع الصحي لثلث البالغين الذي تزيد أعمارهم على خمسة وعشرين عاما، أي حوالي المليار شخص بين سبعة مليارات انسان على كوكب الأرض، الا أن تلك النسبة تظل أقل بكثير من المعدلات المتفاقمة في الأردن والتي تثير تساؤلات لا تنقطع عن أهم الأسباب والمسببات التي تجعل القاتل الصامت يتنامى على هذا النحو الطحلبي.!

h.khresat@alarabalyawm.net
العرب اليوم