الأمن القومي العربي .. الواقع والارتجاج
أ.د عمر الحضرمي
06-04-2013 04:41 AM
لم يبق أمر، في العالم العربي، لم نختلف حوله أو عليه، حتى القضايا المصيرية باتت محط جدل عقيم لا بداية له ولا نهاية. ولم تسلم من هذا التضاد وهذا التناحر أية مسألة مهما صغرت او كبرت. وسبق أن قلنا لو أن واحداً من الناس قد حمل «يافطة» مكتوبا عليها «تحيا الوحدة العربية» إلا واتهم بالعته والجنون.لقد جهلنا، أو تجاهلنا، أن «الدولة العربية» يجب أن تكون قد ارتكزت في يوم نشأتها على مفهوم الأمّة. وغاب عنا، أو غيبّنا عمدا،ً أن مجموع القدرة العربية لا يقوم إلا من خلال منظومة من الوسائل الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية الجمعيّة. لذلك ذهبنا، كلنا، إلى ظلمات الحدود القطرية، ودخلنا في متاهات من التصارع والنزاع أوصلتنا إلى «مطارح» التبعية وعدم الاستقرار والهوان على الآخرين.
وحتى ندرك عظمة الأزمة نقول إن النظام السياسي العربي، قد ارتحل بعيداً عن مفاهيم العمل المشترك، والمصير المشترك، والأصالة الواحدة، واجتماع العقيدة واللغة والقدر، في الوقت الذي لم يبق فيه أي جنس من البشر إلا وراح يبحث عن الجوامع يعظّمها، فكانت الاتحادات من مثل الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأمريكي والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأسيوي، إلا نحن لا زلنا، وسنظل، إلى زمن طويل قادم، نعظّم القطرية مبتعدين عن الفهم السليم لمعاني واجب الدفاع المشترك عن الذات في التصدي للتداعيات والتحديات الخطيرة التي نواجهها كل يوم.
إن أمن أي قطر عربي لا يمكن أن يكون متحققاً أو كاملاً بمفرده، لأن أية حالة للأمن الوطني هي غير كائنة في معزل عن الأمن القومي وهذا ما أنكرناه في واقع حالنا. حتى ميثاق جامعة الدول العربية قد جاء ممثلاً لحالة التشتت والانقسام إذ نصت ديباجته على أن إنشاء الجامعة جاء «...تثبيتاً للعلاقات الوثيقة والروابط العديدة التي تربط الدول العربية» إلا أنه ما لبث أن سارع إلى القول «وحرصاً على دعم هذه الروابط وتوطيدها على أساس احترام استقلال تلك الدول وسيادتها». الأمر الذي عكس ترسيخ الإرادات السياسية المتناثرة بل والمتنافرة، إذ رأينا أن «التدخل في الشؤون الداخليّة» هو أكثر مسألة دارت حولها الخلافات العربيّة، الأمر الذي جعل منها السبب الرئيسي والأوّل لتآكل الثقة بين الأنظمة السياسية العربية، وعدم القدرة على الاستمرار، ولو لفترات قصيرة، في كثير من مشروعات التعاون العربي، أو حتى التنسيق على المستوى الثنائي. وقد بقيت هذه الظاهرة تشغل بال الدول والشعوب إلى يومنا هذا.
إن أي قارئ للعلاقات العربية – العربية هو واجد، بالضرورة، أن هناك حجماً مخيفاً من الاختلاف بين الدول قد وصل في كثير من الحالات إلى درجة التصادم العسكري. ولم تتمكن المواجهات والتحديات الخطيرة التي وقفت أمام الأمة من توحيد جهودها في سبيل الوصول إلى الأمن القومي. وهنا نسأل، ونحن مفجوعون، أين تفعيل نص المادة الثالثة من معاهدة الدفاع المشترك العربية الذي نادى بأن «تتشاور الدول المتعاقدة فيما بينها، بناء على طلب إحداهما، كلما هددت سلامة أراضي أية واحدة أو استقلالها أو أمنها، أو في حالة خطر داهم، أو قيام حالة دولية مفاجئة يُخشى خطرها، تبادر الدول المتعاقدة، على الفور، إلى توحيد خطواتها ومساعيها في اتخاذ التدابير الوقائية والدفاعية التي يقتضيها الموقف». إن ما يثير الألم أننا، كأمة، وقفنا عند حد كلمات النص ولم نسعَ إلى تفسيرها، وقاتلنا دون تطبيقها.
اعتقد، كمواطن عربي، أنه آن الأوان أن ندرك أن الأمن القومي في واقعة يمر بحالة ارتجاج ستقود الجميع إلى الهاوية.
الرأي