نائب ووزير .. ومواطن مستوزر.!
د. هاني البدري
04-04-2013 03:42 AM
لن نخلص من إشكالية الانتظار التي لا طائل لها وفيها، سوى مزيد من الضياع وتدني الإنتاجية ومزيد من الانتظار..!
ننتظر ماذا، طالما أن كل الآتين للعمل العام، وجوه متعددة لذات العملة، وما هي إلا لعبة تبديل "طواقي" كما يحسبُ المواطن العادي الذي ألِفَ وأدمن نظرية المؤامرة، وأن كل ما شهدناه ونشهده من مشاورات ومداولات وتصريحات وشد وجذب ما هي إلا "فيلم هندي لن ينطلي على المشاهدين"..!
الحمدلله أنني كنت عند إعلان الحكومة تحت تأثير مخدر استوجب حقنة لي لعملية (انحراف) وتيرة مزعج، فلم يتسن لي أن أكتب مباشرة حول شكل وتشكيلة وقراءة ونظرة في الحكومة وما قبلها وما بعدها، ما أعطاني فرصة أكبر بعد "البنج" لقراءة ربما تكون أبعد من التشكيل.
مساء السبت، رُفعت الأقلام وجفت صحف الأحلام، وعادت مستويات الأدرينالين إلى مستواها عند مجموعة كبيرة من رجال البلد الذين انتظروا.. طويلاً لاتصال هاتفي لم يأت أبداً، حينها هدأت النفوس وثارت معاً، على أمل انتظارٍ آخر.. في المرة المقبلة!!
وضع السوق، حركة البيع والشراء، أُمور البلد، كلها بانتظار حدث ما لا علاقة لها به، لكنها تنتظر مثل باقي الأشياء، هكذا تأتيك الإجابة دوماً عن السؤال.. "كيف الحركة هالأيام؟"، "لسا خلينا نشوف شو بصير"..!!
ها هي الحكومة أُعلنت وتوقفت ماكينات الإشاعة، وسُكِنَت الأسماء في مقارها.. ثم ماذا، ما زلنا نجيب "خلينا نشوف شو بصير".
المشكلة أن ثمة وزيراً في الحكومة طامح دائماً ليبقى إلى الأبد في كل التعديلات والتشكيلات وفي كل العهود، وأن ثمة مواطناً أو مائة ألف مواطن طامحون لاعتلاء منصب وزاري يجمع المكانة واللقب واللوحة الحمراء وأُبهة المنصب والأوامر والمسؤوليات.. وأن ثمة نائبا تم اختياره ممثلاً في البرلمان فقط.. بعد أن وعد بأقسى وسائل المراقبة والوقوف بوجه ممارسات الحكومة وردع تجاوزاتها، حالم هو أيضاً بالتوزير، وثلاثتهم يرون في الصورة النهائية أي (معاليه) الهدف الأسمى.
أثناء انشغالنا بالانتظار، يخطر ببالنا أن نتصل بأصدقاء لم نتحدث إليهم منذ زمن، لنذكرهم أننا هنا، لعل التذكرة تنفع، فتدخل أسماؤنا البورصة، أو لعلنا على قاعدة "ما حك جلدك.." أن نُسطر تعليقاتنا في المواقع الصحفية فندرج أسماءنا مع المنصب الحلم..!!
هل من الطبيعي أن تُشَكَل الحكومة بعد مشاورات ماراثونية فتحت الباب لكل التكهنات، أن تقابل بذات الطريقة التي شُكلت فيها حكومات "الديليفري" الجاهزة، وأن تُستقبل ببيانات لم تختلف هي الأخرى عن سابقات لها؟ وهل من الطبيعي أن يكون التشكيك هو سمة العلاقة خطوة بخطوة مع التشكيل.. وكيف تخرج التشكيلة الحكومية المُنتظرة والتي طال إعدادها بشخوص جُربت ولم تستأذن ببصمة..!! المشكلة ليست في المواطن الذي انتظر إلى جانب هاتفه على مدى شهر، وليست في الوزير الحالم بالبقاء إلى الأبد ولا في النائب الذي يرى أنه اُنتخب ليصبح وزيراً..!!
المشكلة أننا لا نتعظ من أن حكومات العالم، لاتُفَصّل على مقاسات الأسماء ولا لحصتها في (الكيكة)، وأننا لا نقرأ أن الاعتذار عن منصب وزاري من قبل إعلامي ناجح أو رجل أعمال كبير هو أمر طبيعي في العالم، ذلك أن الاقتصادي الناجح يمكن أن يكون وزيراً فاشلاً.. المشكلة أن علينا تصليح الانحراف في الوتيرة.. كلنا أو البقاء تحت تأثير (البنج)..!!
hani.albadri@alghad.jo
الغد